اللِمفومةُ اللاهودجكينيَّة امراض الدم
اللِّمفومةُ اللاهودجكينيَّة هي نوع من السَّرطان الذي يبدأ في خلايا الجهاز المناعي. تحدث اللِّمفومةُ اللاهودجكينية عندما تصبح بعض الخلايا في الجهاز المناعي غيرَ طبيعية أو شاذَّة، وتبدأ بتشكيل نسخ منها بطريقةٍ لا يمكن السيطرة عليها. وهناك العديد من أنواع اللِّمفومة اللاهودجكينية؛ لكنَّ أنواعها الأكثر انتشاراً فهي "لمفومة الخلايا البائية المُتوسِّعة المُنتشرة" و"اللمفومة الجُريبية" أو العُقيدية. قد تُصنَّف اللمفومةُ بحسب سرعة نموِّها إلى نوعين: • لمفومة بطيئة التَّنامي، وتُسمَّى مُنخفضة الدرجة أيضاً، وهي لمفوماتٌ تنمو ببطء؛ وتَميل إلى التسبُّب ببعض الأعراض فقط. • لمفومة عدوانية، وتسمَّى متوسِّطة الدرجة ومرتفعة الدرجة أيضاً، وهي لمفوماتٌ تنمو وتنتشر بصورة أسرع؛ وتميل إلى التسبُّب بأعراض شديدة. تتحوَّل كثيرٌ من اللمفومات بطيئة التنامي مع مرور الوقت إلى لمفومات عدوانيَّة. تعدُّ اللِمفومة اللاهودجكينيَّة قابلة للمعالجة إلى حدٍّ كبير؛ وقد تكون معالجتُها إشعاعية أو كيميائية أو بيولوجية، أو عن طريق زراعة الخلايا الجذعية. وقد تُستخدم هذه الطُرُق كلُّها معاً في بعض الأحيان. تعتمد قراراتُ المعالجة على المرحلة التي بلغها المرض، وموضعه في الجسم، والأعراض التي ظهرت عند المريض، وعلى الحالة الصحِّية العامَّة للمريض وعمره. ويُمكن في هذه الأيام شفاء مُعظم الناس الذين يجري تشخيصُ الإصابة باللمفومة اللاهودجكينية عندهم، أو يُمكن السيطرة على مرضهم لسنوات عديدة.
مقدِّمة
اللِمفومةُ اللاهودجكينية هي نوعٌ من السرطان الذي يبدأ في خلايا الجهاز المناعي. يقاوم الجهازُ اللمناعيُّ الأمراضَ المعدية والأمراض الأُخرى. تحدث اللِمفومةُ اللاهودجكينية عندما تُصبح خلايا من الجهاز المناعي شاذَّة، وتبدأ بنسخ نفسها بطريقة غير مضبوطة. تعدُّ اللمفومةُ اللاهودجكينية قابلةً للمعالجة إلى حدٍّ كبير. ويُمكن شفاء مُعظم الناس الذين يوضع لهم تشخيص الإصابة باللمفومة اللاهودجكينية في هذه الأيَّام، أو يُمكن السيطرة على مرضهم لسنوات عديدة. يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي اللمفومةَ اللاهودجكينيّة، كما يشرح أسبابها، وأعراضها، والأساليب المُتاحة لمعالجتها.
لمحة تشريحية عن الجهاز اللمفي
الجهازُ اللمفي هو جزء من الجهاز المناعي، يقاوم الجهاز المناعي الأمراض المُعدية والأمراض الأُخرى؛ وهو يتكوَّن من الأوعية اللِمفيَّة واللِمف والعُقد اللِمفية. يبدو اللِمف كسائل رائق تقريباً يُنتجه الجسم، ويقوم بنزح الفضلات من الخلايا. وهو ينتقل عبر الجهاز اللِمفي الذي يتألَّف من شبكة من قنوات، ومن أجسام تُشبه حبَّة الفاصولياء تُدعى العُقد اللِّمفية. توجد مجموعات من هذه العُقد اللِمفية في الرقبة، وتحت الإبط، وفي الصدر، والبطن، وفي المنطقة الأُربيَّة. تحوي العِقد اللِمفية خلايا من الجهاز المناعي تعمل كحاجز يوقف الجراثيمَ والفيروسات، ويمنعها من مهاجمة الجسم. وتُصنَّف هذه الخلايا في فئتين واسعتين تُدعيان الخلايا التائية أو اللِمفاويات التائية، والخلايا البائية أو اللِمفاويات البائية. تتَّصل العُقدُ اللِمفية فيما بينها بواسطة قنوات خاصَّة تُسمَّى الأوعية اللِمفية. وتنتشر هذه القنوات في مُعظم أنحاء الجسم مثلما تنتشر الأوعية الدموية. يقوم الجهازُ اللِمفي بنزح السوائل الفائضة والفضلات. هناك أجزاء أُخرى من الجسم تحوي نسيجاً لِمفياً، ومنها اللوزتان، وغُدَّة التوتة أو التيموس، والطِّحال، والمَعِدة، والجِلد، والأمعاء الدقيقة.
اللِمفومةُ اللاهودجكينيّة وأسبابها
اللِّمفومةُ اللاهودجكينية هي نوع من اللِمفومات، وهي سرطانات تُصيب اللِمفاويات (وهي كُريَّات دم بيضاء)، تظهر في الجهاز اللِمفي، من خلايا الجهاز المناعي البائيَّة والتائيَّة. تنمو الخلايا الطبيعية في الجسم، وتموت وفقَ آلية مضبوطة. تبدأ خلايا من الجهاز المناعي عند الإصابة باللِمفومة اللاهودجكينية بالتكاثر على نحو شاذٍّ. وتنقسم الخلايا الجديدة مرَّات ومرَّات، مُنتجة المزيد من الخلايا الشاذَّة. لا تموت الخلايا الشاذَّة عندما ينبغي عليها أن تموت. وهي لا تحمي الجسمَ من الأمراض المُعدية أو الأمراض الأُخرى. ويؤدِّي تراكم الخلايا الزائد إلى تشكُّل كتلة من النسيج غالباً تُدعى تنشُّؤاً أو ورماً. تحوي الخلايا موادَّ وراثيّة أو جِينيَّة تُدعى الصِّبغيَّات. وتتحكَّم هذه الصِّبغيَّات في نموِّ الخلايا وتكاثرها. تظهر اللِمفومة اللاهودجكينيّة دائماً بسبب تغيُّرات تطرأ على الصِّبغيَّات. وتفقد الخليَّة قدرتها على التَّحكُّم في تكاثرها عندما تُصبح صِبغيَّاتها شاذَّة. يُمكن أن تطرأ التغيُّرات على المادَّة الجِينيَّة نتيجة أسباب مُتعدِّدة. وتكون هذه التغيُّرات وراثيَّة في بعض الأحيان. قد تطرأ التغيُّرات على الصِّبغيّات أيضاً نتيجة للتعرُّض لعدوى، أو استعمال أدوية مُعيَّنة، أو التبغ، أو مواد كيميائيَّة، أو عوامل أُخرى. تؤدِّي الإصابةُ بأنواع مُعيَّنة من العدوى إلى ارتفاع خطر إصابة الشخص باللِمفومة اللاهودجكينيَّة. ومن هذه الأنواع:
- فيروس العَوَز المناعي البشري المعروف باسم فيروس الإيدز.
- فيروس إيبشتاين ـ بار.
- فيروس التهاب الكبد سي (C).
ومن عوامل الخطر الأُخرى:
- الأدوية التي تُثبِّط الجهاز المناعي.
- العُمر: إذ يزداد خطر إصابتنا مع تقدُّمنا بالعمر أيضاً.
ثمَّة أنواع كثيرة للِّمفومة اللاهودجكينية. وأكثر هذه الأنواع انتشاراً هما ورم الخلايا اللِمفاوية البائيَّة الكبيرة المنتشر واللِمفومة الجُرَيبيَّة أو العُقَيدية. تُصنَّف الأورامُ اللِمفية في بعض الأحيان وفقاً للطريقة التي تميل للنموِّ بها:
- بطيئة النمو، وتُسمَّى أيضاً مُنخفضة الدرجة، وهي أورام تنمو ببطء. وتميل هذه الأورام إلى التسبُّب بأعراض قليلة فقط.
- عدوانية، وتسمَّى متوسِّطة الدرجة ومرتفعة الدرجة أيضاً، وهي لمفومات تنمو وتنتشر بصورة أسرع. وهي تميل إلى التسبُّب بأعراض شديدة. ويتحوَّل كثير من اللمفومات بطيئة التنامي مع مرور الوقت إلى لمفومات عدوانيَّة.
يُمكن أن تنشأ اللِمفومة اللاهودجكينية في أيِّ مكان من الجسم تقريباً، ذلك لأنَّ النسيج اللِمفي موجود في كثير من أجزاء الجسم.
أعراض اللمفومة اللاهودجكينية
إنَّ العرض المألوف للِّمفومة اللاهودجكينيّة هو تورُّم غير مُؤلم في العُقد اللِمفية في الرقبة أو تحت الإبط أو المنطقة الأُربية. ولكن، في الحقيقة إن مُعظم حالات تورُّم العقد اللِمفية تحدث نتيجة عدوى موضعيَّة، وليس بسبب اللِمفومة. وقد يكون من الأعراض المألوفة الأُخرى:
- الحُمَّى.
- تعرُّق ليلي غزير.
- وهن وضَعف.
- خسارة وزن غير مُفسَّرة.
- اضطراب التنفُّس، أو سعال، أو ألم صدري.
- ألم، أو تورُّم أو شعور بالامتلاء في البطن.
- تعب.
قد لا تكون هذه الأعراضُ ناجمة عن اللِّمفومة اللاهودجكينية بالضرورة؛ فالأمراضُ المعروفة كالأمراض المُعدية أو الإنفلونزا يُمكن أن تُسبِّب أعراضاً مُشابهة. ولذلك، يجب مُراجعة الطبيب إذا استمرَّت هذه الأعراض أكثر من أُسبوعَين.
تشخيص اللمفومة اللاهودجكينية
يحاول الطبيب، عندما يكون لدى المريض عُقد لِمفية مُتورِّمة أو غير ذلك من الأعراض التي قد توحي بالإصابة باللِمفومة اللاهودجكينية، أن يعرف ما الذي سبَّب هذه المُشكلة، وربَّما يسأله عن تاريخه الطبِّي الشخصي والعائلي. ويقوم الطبيب أيضاً بفحص العُقد اللِمفية في رقبة المريض وتحت إبطه وفي المنطقة الأُربية. كما أنَّه يتحرَّى عن وجود ضخامة في الكبد أو الطحال. قد يطلب الطبيبُ إجراء تعداد دم كامل (CBC)، ويتحرَّى عن وجود خلايا أُخرى وموادَّ مثل LDH. ويُمكن أن يُعطي تعداد الدم الكامل معلومات عن عدد خلايا الدم البيضاء ونوعيتها، أمَّا LDH فهو فحص يتحرَّى عن إنزيم يُدعى نازِعَة هِيدرُوجِين اللاَّكتات وكم تبلغ كمِّيتها، ذلك أنَّ اللِمفومة قد تؤدّي إلى وجود مستويات مُرتفعة من LDH. قد يطلب الطبيب فحوصاً أُخرى، مثل التصوير الطبقي المحوري CT scan، والتصوير بالرنين المغنطيسي MRI scan، والتَّصوير المَقطَعِي بِالإِصدار البوزيتروني PET scan، والتصوير بالأشعَّة السينية، وأخذ خزعة من عقدة لِمفية (اختزاع عُقدة لِمفية). وقد تُطلب صورٌ للصدر بالأشعَّة السينية للبحث عن عُقد لِمفية مُتورِّمة أو غير ذلك من علامات اللِمفومة في الصدر. وهي تُجرى لمعرفة مدى انتشار الإصابة، وهو ما يُعرف باسم تصنيف المراحل. إنَّ الخزعة هي الطريقة الوحيدة المؤكّدة لتشخيص اللِمفومة اللاهودجكينية. وهناك أنواع متعدِّدة للخزعة. قد يجري، في حالة الخزعة بالإبرة الرفيعة، إدخال إبرة في العقدة اللِمفية، وسحب عَيِّنة صغيرة من الانسجة والسوائل من أجل الدراسة التشريحية المرضية. ولا يُمكن بهذه الطريقة الحصول على عَيِّنة كبيرة بما فيه الكفاية من أجل تشخيص اللِمفومة اللاهودجكينية. وتُؤخذ قطعةٌ صغيرة من العُقدة اللِمفية عبر شقٍّ جراحيٍّ في حالة الخزعة الاقتطاعية. أمَّا في حالة الخزعة الاستئصالية فإنَّ كامل العُقدة اللِمفية وبعضاً من النسيج الذي يحيط بها تُستأصل عبر شقٍّ جراحي. وهذه الطريقة هي الأفضل للحصول على عيِّنة كافية من أجل التشخيص. يستخدم اختصاصيُّ التشريح المرضي مِجهِراً لفحص النسيج للتحرِّي عن خلايا اللِّمفومة اللاهودجكينية.
مراحل اللمفومة اللاهودجكينية
يصف التصنيفُ إلى مراحل مدى انتشار المرض. وينطوي التصنيف على عدَّة إجراءات لمعرفة أجزاء الجسم التي قد أُصيبت بالمرض. ويُمكن أن تُحدَّد المُعالجةُ استناداً إلى المرحلة التي بلغها السرطان. تبدأ اللِمفومة اللاهودجكينية في عُقدة لِمفية عادة. ويُمكن أن تنتشر إلى أيِّ جزء آخر من الجسم تقريباً؛ حيث يُمكن أن تنتشر، على سبيل المثال، إلى الكبد والرئتين والعظام ونقي العظام. قد يحتاج التصنيفُ إلى إجراء تصوير طبقي محوري CT scan، وتصوير بالرنين المغنطيسي MRI scan، وتصوير مَقطَعِي بِالإِصدار البوزيتروني PET scan، وأخذ خزعة من نقي العظام بالإبرة الثخينة. وقد يوصي الطبيبُ بأخذ خزعات من عُقد لِمفية أُخرى أيضاً، أو من الكبد، أو غير ذلك من أنسجة الجسم. يعتمد تحديدُ المرحلة على المكان الذي توجد فيه خلايا اللِمفومة (في العُقد اللِمفية أو في أعضاء أو انسجة أُخرى)، وعلى عدد المناطق المُصابة أيضاً. توصف المراحلُ عادة باستخدام الأرقام من واحد إلى أربعة، بحيث تشير الأرقام الأدنى إلى مراحل مُبكِّرة من المرض. المرحلة 1: توجد خلايا اللِمفومة في مجموعة واحدة من العُقد اللِمفيَّة (كمجموعة العُقد الموجودة في الرقبة أو البطن مثلاً). وإذا لم تكن الخلايا الشاذَّة موجودة في العُقد اللِمفيَّة، فإنَّها تكون موجودة في جزء واحد فقط من نسيج أو عضو ما (كالرئة مثلاً، ولكن ليس في الكبد أو نقي العظام). المرحلة 2: تكون خلايا اللِمفومة موجودة في مجموعتين على الأقل من العُقد اللِمفيَّة في جانب واحد من الحجاب الحاجز (سواء أكانتا فوقه أو تحته)، أو أنَّ خلايا اللِمفومة موجودة في جزء واحد من عضو ما وفي العُقد اللِمفية قُرب هذا العضو (في الجانب نفسه من الحجاب الحاجز). وقد يكون هناك خلايا لٍمفومة في مجموعة أُخرى من العُقد اللِمفية في الجانب نفسه من الحجاب الحاجز. المرحلة 3: تكون اللِمفومةُ في هذه المرحلة موجودة في العُقد اللِمفية فوق وتحت الحجاب الحاجز. وقد توجد أيضاً في أحد أجزاء نسيج أو عضو من الأعضاء قُرب إحدى هذه المجموعات من العُقد اللِمفية المُصابة . المرحلة 4: توجد خلايا اللِمفومة في هذه المرحلة في عدَّة أجزاء من عضو أو نسيج واحد أو أكثر، أو أنَّها تكون موجودة في الكبد أو الدم أو نقي العظم. يُعدُّ المرض ناكساً إذا رجع بعد المُعالجة. قد يًصنِّف الطبيب المرحلة، فضلاً عن التصنيف السابق، إلى أ و ب أيضاً، وذلك تِبعاً لوجود أو غياب بعض الأعراض الخاصَّة:
- أ: لا يُعاني المريض من نقص وزن، أو من تعرُّق ليلي غزير، أو من حُمَّى.
- ب: يعاني المريض في هذه المرحلة من نقص الوزن، أو من تعرُّق ليلي غزير، أو من الحُمَّى.
إنَّ المرضى الذين يعانون من أعراض المرحلة (أ) يملكون فرصة أكبر في الشفاء من هؤلاء الذين يُعانون من أعراض المرحلة (ب).
علاج اللمفومة اللاهودجكينية
يكون الهدفُ من مُعالجة اللِمفومة اللاهودجكينيَّة هو قتل كلِّ ما يُمكن قتله من الخلايا الشاذَّة. ويعتمد اختيارُ طريقة المعالجة على عوامل كثيرة، حيث يناقش الطبيب طُرُق المُعالجة المُتاحة مع المريض قبل البدء بالمُعالجة. تعتمد سُبُل المُعالجة المناسبة للمريض على:
- نوع اللِمفومة اللاهودجكينيَّة التي يُعاني منها.
- المرحلة التي بلغتها هذه اللِمفومة (أي المكان أو الأماكن التي وُجدت فيها).
- حجم اللِمفومة: إذا كان قطرها قد تجاوز عشرة سنتيمترات.
- عُمر المريض.
- المشاكل الصحيَّة الأُخرى التي قد يُعاني منها المريض.
قد تكون معالجة اللِمفومة اللاهودجكينية إشعاعية أو كيميائية أو بَيولوجية أو بزراعة الخلايا الجذعية. وقد تُستخدم جميع هذه الطُرُق في بعض الأحيان. وتعتمد قراراتُ المعالجة على المرحلة التي بلغها المرض، وموضعه في الجسم، وأيّ من أعراضه قد ظهرت عند المريض، وعلى الحالة الصحيَّة العامة للمريض وعمره. إذا جرى تشخيص إصابة المريض باللِمفومة اللاهودجكينيَّة، ولكنَّه لم يكُن يعاني من أيَّة أعراض، فقد لا يكون بحاجة إلى مُعالجة السرطان فوراً. وهذا يعني أنَّ الطبيب سوف يراقب الحالة الصحيَّة للمريض عن كثب بحيث يبدأ بإعطاء المُعالجة فورَ ظهور الأعراض عند المريض. وتُدعى هذه الحالةُ التي لا تُعطى فيها المعالجة المضادَّة للسرطان فوراً بالانتظار والترقُّب. قد يتلقَّى المريض مُعالجة كيميائيَّة ومُعالجة بيولوجية إذا كان لديه لِمفومة لاهودجكينية بطيئة التنامي، ويعاني من بعض الأعراض. تعني المُعالجةُ الكيميائية استخدام أدوية لقتل خلايا السرطان. ويصف الطبيب لمُعالجة اللِمفومة اللاهودجكينية توليفة من عدَّة أدوية تعمل معاً. وهي ما تُدعى باسم الجرعات العلاجية. هناك عدَّة أنواع من المُعالجة الكيميائية التي قد يتلقَّاها المريض. كما أنَّها قد تُعطى بطُرُق مُختلفة أيضاً. يُعطى بعض هذه الأدوية عن طريق الفم، ويُعطى بعضها الآخر حقناً بالوريد أو في المنطقة حول النخاع الشوكي. وينتقل الدواء مع تيَّار الدم إلى كلِّ مكان في الجسم تقريباً. تعتمد التأثيراتُ الجانبيَّة للمعالجة الكيميائية إلى حدٍّ بعيد على نوع الأدوية المُستخدمة وجُرعاتها. ويُمكن أن تُؤذي الأدوية الكيميائية الخلايا السليمة التي تنقسم بسرعة مثل:
- خلايا الدم، مما قد يؤثِّر في قدرة المريض على مُقاومة العدوى.
- خلايا جذر الشعر، مما يسبِّب تساقط الشعر.
- الخلايا التي تُبطِّن الجهاز الهضمي، ممَّا يسبِّب الغثيان والقيء وتقرُّحات الفم أو الشفتين، واضطراب البلع.
تُعطى المُعالجةُ الكيميائية على أشواط عادة، بحيث يكون هناك فترة مُعالجة يتلوها فترة راحة، ثمَّ فترة مُعالجة ثانية، وهكذا. قد تُسبِّب الأدوية المُستعملة في مُعالجة اللِمفومة اللاهودجكينية طفحاً جلدياً أو نُفاطات، وصُداعاً أو آلاماً أُخرى؛ وقد يُصبح الجلد قاتماً. كما أنَّ أظافر المريض قد تُصبح مُثلَّمة أو تظهر عليها أشرطة داكنة. تُستخدم المُعالجة البَيولوجية لتعزيز أو استعادة قُدرة الجهاز المناعي على مُحاربة السرطان والأمراض المُعدية والأمراض الأُخرى. الأضدادُ وحيدة النسيلة هي نوع من المُعالجة البّيولوجية المُستعملة من أجل اللِمفومة، وهي بروتينات تُصنَّع في المختبر ويُمكنها أن ترتبط مع خلايا السرطان. وتُساعد الجهاز المناعي في التعرُّف على خلايا اللِمفومة وقتلها. يجري إعطاءُ هذه المُعالجة للمرضى عبر الوريد في عيادة الطبيب، أو في المستوصَف، أو في المستشفى. قد يعاني المريض من آثار جانبية للمعالجة تُشبه أعراض الأنفلونزا، كالحمَّى والنوافض والصُّداع والوهن، وقد يُعاني من الغَثيان أيضاً. ونادراً ما تحدث آثار جانبية أكثر خُطورة كاضطرابات التنفُّس، أو انخفاض ضغط الدم، أو طفح جلدي شديد. قد تُستخدم المعالجةُ الإشعاعية لدى مرضى اللِمفومة اللاهودجكينية من المرحلة 1 أو المرحلة 2. تستعمل المعالجةُ الإشعاعية أشعَّةً عالية الطاقة لقتل خلايا السرطان ووقفها عن النموِّ والانتشار. وتأتي الأشعة التي تُعالج الخلايا من جهاز يوجِّه الأشعة إلى بُقعة مُحدَّدة من الجسم. يتلقَّى مرضى اللِمفومة اللاهودجكينية المعالجة الإشعاعية غالباً كمرضى خارجيين في المستشفى أو في العيادة، وينبغي أن تُعطى لمدَّة خمسة أيام في الأُسبوع لعدَّة أسابيع. ويُقصد بالمرضى الخارجيين أنَّ المرضى يذهبون إلى منازلهم بعد كُلِّ جلسة معالجة. تتعلَّق الآثارُ الجانبية للمُعالجة الإشعاعية بشكل رئيسي بنوع هذه المُعالجة، وجرعتها، والجزء من الجسم الذي يخضع للمعالجة. ومن الآثار الجانبية المُحتملة المألوفة للمعالجة الإشعاعية: الغثيان والقيء والإسهال. وربَّما يعاني المريض من تقرُّح وجفاف في الحلق، وصعوبة في البلع. وربَّما يشعر المريض ، فضلاً عن ذلك، بالإعياء ويصبح جلده في منطقة المُعالجة أحمراَ جافاً وحساسا، وقد يفقد المريض شعره في منطقة المُعالجة. قد تكون التأثيراتُ الجانبية أشدَّ إذا تلقَّى المريض المُعالجة الإشعاعيَّة والمُعالجة الكيميائيَّة في الوقت نفسه. ويستطيع المريض أن يُناقش مع طبيبه سُبُلَ التخفيف من هذه التأثيرات. تجري عمليةُ زرع الخلايا الجذعيَّة في المستشفى؛ حيث يتمُّ في هذا النوع من المُعالجة جمع الخلايا الجذعية من مُتبرِّع أو من المريض نفسه، وتجميدها وتخزينها لاستعمالها في وقت لاحق. وقد تحتاج هذه الخلايا، إذا كانت قد اُخذت من المريض نفسه، إلى مُعالجة لقتل خلايا اللِمفومة التي قد تكون موجودة بينها، وذلك قبل تجميدها وتخزينها. تُستعمل جرعاتٌ عالية من المُعالجة الكيميائيَّة والإشعاعيَّة للتخلُّص من نقي العظم ومعها، كما يُؤمل، جميع الخلايا السرطانية؛ ثمَّ تُعطى الخلايا الجِذعيَّة للمريض بعد ذلك بواسطة أُنبوب مَرِن يوضع في وريد كبير في رقبة أو صدر المريض. وتنمو خلايا دم جديدة من الخلايا الجِذعيَّة المزروعة. يُمكن استعمالُ خلايا جذعيَّة مأخوذة من جسم المريض نفسه أو من مُتبرِّع. وهناك عدَّة أنواع من زرع الخلايا الجذعيَّة منها:
- زرع الخلايا الجذعيَّة ذاتيَّة المنشأ.
- زرع الخلايا الجذعية خَيفيَّة (غيريَّة) المنشأ.
- زرع الخلايا الجذعيَّة إسويَّة المنشأ.
تُستعمل المُعالجة الكيميائيَّة والبَيولوجيَّة عادة، ورُبَّما الإشعاعيَّة أيضاً، إذا كان لدى المريض لِمفومة عُدوانيَّة.
الخُلاصة
اللِمفومةُ اللاهودجكينيَّة هي نوع من اللِمفومة. أمَّا اللِمفومات فهي سرطانات تنمو في الجهاز اللِمفي، الذي يُعدُّ جزءاً من الجهاز المناعي للجسم. إنَّ عمل الجهاز اللِمفي هو مُقاومة الأمراض والعدوى. تحدث اللِمفومةُ اللاهودجكينيَّة بسبب تبدُّلات في المادَّة الجِينيَّة. ويُمكن أن تحدث هذه التبدُّلات نتيجة لأسباب مُختلفة، قد تكون وراثيَّة في بعض الأحيان. ويمكن أن تحدث التبدُّلات في الصبغيَّات أيضاً نتيجة التعرُّض لبعض الأمراض المُعدية، أو أدوية مُعيَّنة، أو التبغ، أو بعض المواد الكيميائيَّة، أو عوامل أُخرى. تُستخدم في تدبير اللِمفومة اللاهودجكينيّة عادة المُعالجة الإشعاعية والكيميائية البَيولوجية، وزرع الخلايا الجذعية. وقد تُستخدم تَوليفة من بعض هذه الطُرُق. ويعتمد اختيارُ نوع المعالجة على المرحلة التي بلغها المرض وعلى الحالة الصحِّية العامة للمريض. يُمكن الآن، بفضل تطوُّر العلوم الطبيَّة، شفاء مُعظم المرضى الذين تُشخَّص إصابتهم باللِمفومة اللاهودجكينيَّة، أو أنَّه يُمكن السيطرة على مرضهم لعدَّة سنوات.
زادك الله علما تنفع به الناس
ردحذف