الاثنين، 30 ديسمبر 2013

عسر الطمث من أمراض النساء والولادة



Dysmenorrhea


تُعانِي معظمُ النِّساء من درجةٍ ما من الألم الطَّمثي خلال حياتِها، ويُطلَق على ذلك اسم عُسر الطَّمث. وينجم هذا الألمُ عن نزول دم الحَيْض (الطَّمث)، ويتجلَّى في النَّاحيةِ السُّفلية من البطن، لكنَّه قد يمتدُّ إلى الظَّهر والفخذين.


انتشارُ عُسرُ الطَّمث

مع أنَّه من غير المَعروف بالضَّبط ما الذي يجعل الكثيراتِ من النِّساء يعانين من ألم الحيض، لكنَّ الأبحاثَ تُشير إلى أنَّ هذه الحالةَ شائعةٌ جداً. وتُشير بعضُ الدِّراساتِ أنَّ نحوَ ثلاثة أرباع النِّساء الشابَّات ورُبع إلى نصف النِّساء الرَّاشدات يُعانين من ألمٍ وانزعاج خلال فترة الحيض؛ ويكون الألمُ في واحدةٍ من بين كلِّ خمس نساء شَديداً جداً، بحيث يمنعهن من ممارسة أنشتطهن اليوميَّة.
يعدُّ ألم الدَّورة الشَّهرية في معظمِ الحالات جزءاً طبيعياً من الدَّورة الشهريَّة، ويمكن معالجتُه في المنـزل. ولكن قد ينجم هذا الألمُ في بعض الحالات عن حالة طبِّية خفية، مثل حالة تُدعى الانتِباذَ البِطَانِيَّ الرَّحِمِيَّ endometriosis والدَّاء الالتهابي الحَوضي pelvic inflammatory disease.


أعراض عسر الطمث

يتجلَّى العرضُ الرَّئيسي لألم الدَّورة period pain في المغص العضلي المؤلِم painful muscle cramp (tummy) في أسفل البطن؛ وقد يصبح الألم في بعض الأحيان بشَكل تشنُّج شَديد، في حين يكون كليلاً أو ممضاً dull ومستمراً أكثر في أحيانٍ أخرى.
كما يمكن أن ينتشرَ الألمُ إلى أسفل الظَّهر وإلى الفخذين، ويكون متفاوتاً؛ فبعضُ الدورات تتصاحب بألم أو ازعاج خفيف أو لا تتصاحب بأيِّ ألم، بينما تكون دوراتٌ أخرى مؤلمةً جداً.
وفضلاً عن الألم، قد تحدث أعراضٌ أخرى، مثل:
  • الصُّداع.
  • الغَثيان.
  • التَّعب.
  • الميل إلى الغَشي أو الشُّعور بالإغماء.
  • الدوخة.
  • الإسهال.


مدَّة ألم الطَّمث

يبدأ ألمُ الدَّورة الطَّمثيَّة مع بَدء النَّزف عادةً، مع أنَّ بعضَ النِّساء يشعرنَ بالألم قبلَ عدَّة أيَّام من بدء الدَّورة.
ويدوم ألمُ الدَّورة 12-24 ساعة عادةً، ولكنَّه قد يستمرُّ عدَّةَ أيَّام في الحالاتِ الشَّديدَة، ويبلغ ذروتَه عندما يكون النَّزفُ على أشُدِّه.
تَميل أعراضُ الدَّورات المؤلمَة إلى التحسُّن مع تقدُّم المرأة في العمر، وتُلاحظ الكثيراتُ من النِّساء تَحسُّناً بعدَ إنجاب الأطفال.


آسباب آلام الدورة الشهرية

يعدُّ ألم الدَّورة الشَّهرية في معظمِ الحالات جزءاً طبيعياً من الدَّورة الشهريَّة، ويمكن معالجتُه في المنـزل عادةً، ويُدعى ذلك عُسرَ الطَّمث الأوَّلِي primary dysmenorrhoea. يحدث الألمُ عندما يتقلَّص الجدارُ العَضَلي للرَّحِم بقوَّة، وتعبر تقلُّصاتٌ خفيفة جداً الرَّحم عادةً، لكنَّها تبقى خَفيفةً بحيث لا تشعر بها معظمُ النِّساء.
ولكن خِلال الدَّورة، يبدأ جدارُ الرَّحِم بالتقلُّص بشدَّة أكبر، وذلك لتعزيز انسلاخ البِطانة الرَّحميَّة وتوسُّفها كجزءٍ من الدَّورة الشَّهريَّة. وعندما يتقلَّص الجدارُ العَضلي للرَّحِم، يضغط الأوعيةَ الدَّمويَّة التي تبطِّن الرَّحم، وهذا ما يُوقِف تَرويتَه بالدَّم؛ فالأوعيةُ الدَّموية تُساعِد على إيصال الأكسجين إلى الأعضاء والنُّسُج ضمن الجسم. ومن دون تَوفُّر الأكسجين، تُطلِق النُّسُجُ مَوادَّ كيميائيَّةً تُثير الألمَ في الجسم.
وخِلال إطلاق الجسم لهذه الموادِّ الكيميائيَّة المحرِّضة للألم، يُنتِج مجموعةً أخرى من الموادِّ الكيميائيَّة أيضاً تُدعى البروستاغلاندينات prostaglandins، وهي تعزَّز تقلُّص العَضَل الرَّحمي، ممَّا يزيد من مستوى الألم.
لا يُعرَف حتَّى الآن السَّببُ في أنَّ بعضَ النِّساء يعانين من ألم الدَّورة أكثر من غيرهن. ولكن يُشار إلى أنَّ بعضَ هؤلاء النِّساء يمكن أن تتراكمَ لديهن البروستاغلاندينات، ممَّا يعني المزيدَ من قوَّة التقلُّصات بالمقارنة مع الأُخريات.


آلام الدورة الشهرية الناجمة عن حالة مرضية

يمكن أن ينجمَ ألم الدَّورة الشَّهرية، في حالاتٍ غير شائعة، عن مرضٍ خَفي؛ وهذا ما يُدعى عسر الطَّمث الثَّانوي secondary dysmenorrhoea. وتشتمل هذه الحالاتُ على ما يلي:
  • الانتِباذِ البِطَانِيِّ الرَّحِمِيِّ endometriosis: تبدأ الخَلايا التي تُبطِّن الرَّحمَ بالنموِّ في أماكن أخرى ضمنَ الجسم، في البوقين الرَّحميين fallopian tubes والمَبيضين بشكلٍ خاص. وعندما تتوسَّف هذه الخَلايا وتسقط، يمكن أن تؤدِّي إلى ألمٍ شَديد.
  • الأورام الليفيَّة Fibroids: تحدث هذه الحالةُ عندما ينمو ورمُ غير سَرطانِي (حَميد) في الرَّحِم، وهذا ما يجعل الدورةَ غزيرة ومؤلمَة.
  • الدَّاء الالتِهابِي الحَوضي Pelvic inflammatory disease: يُصابُ الرَّحمُ والبوقان والمبيضان بالعدوى الجرثوميَّة، ممَّا يُؤدِّي إلى التهابٍ شَديد (تورُّم وتَهيُّج).
  • العُضال الغُدِّي Adenomyosis: يبدأ النَّسيجُ الذي يُبطِّن الرَّحمُ عادةً بالنموِّ ضمنَ الجدار العضلي له، ويمكن أن يجعلَ هذا النَّسيجُ الزَّائد الدورةَ الحيضيَّة مؤلمة.
  • اللَّوالِب Intrauterine device (IUD): هي وسيلة لمنع الحمل، مؤلَّفة من النحاس والبلاستيك، توضَع داخَلَ الرَّحِم؛ ويمكن أن تؤدِّي إلى ألم حيضي، لاسيَّما في الأشهر القليلة الأولى من استِعمالِها.
  • إذا كانت المرأةُ تُعانِي من عُسر الطَّمث الثَّانوي، فقد تشكو من أعراض أخرى أيضاً، مثل:
  • عدم انتِظام الدَّورات الطمثيَّة.
  • نزف بين الدَّورات الطمثيَّة.
  • مُفرَزات مهبليَّة ثخينة أو ذات رائِحَة كَريهَة.
  • ألم خِلال الجِماع.
ويزيد احتمالُ حدوث عُسر الطَّمث الثَّانوي مع تقدُّم العمر، فمعظمُ اللواتي يُعانين من هذه الحالة يكن بعمر 30-45 سنة.
يُستدلُّ على عُسر الطَّمث الثَّانوي عادةً من خِلال حدوث تغيُّر في النَّموذج الطَّبيعي لألم الدَّورة؛ كأن يزداد الألمُ بشكلٍ ملحوظ، أو تطول مدَّتُه.


تشخيص آلام الدورة الشهرية

تُلاحظ معظمُ النِّساء أنَّ ألمَ الدَّورة خَفيفٌ، يمكن معالجتُه في المَنـزل. ولكنَّ إذا كان الطمثُ يترافقَ مع ألم شديد، يجب مراجعة الطَّبيب، لاسيَّما في الحالاتِ التَّالية:
  • وجود حمَّى مرافقة.
  • حدوث ألمٍ مفاجئ وشَديد في البطن.
  • ظهور مقدار كبيرة من الجُلطات الدَّمويَّة في الطَّمث.
  • المُفرَزات المهبليَّة الثَّخينة أو ذات الرَّائِحَة الكَريهَة.
وقد يحاول الطَّبيبُ العام تشخيصَ الحالة وطمأنة المريضَة بعدَ الفحص النِّسائي، أو ربَّما يحيلها إلى اختصاصي في الأمراض النِّسائيَّة، حيث قد يُجرى لها تصوير للحوض بالأمواج فوق الصَّوتيَّةPelvic ultrasound أو تَنظير للبَطن Laparoscopy أو للرَّحِم Hysteroscopy بحثاً عن الأسباب.


علاج آلام الدورة الشهرية

تُعالجَم معظمُ حالات ألم الدَّورة الشَّهريَّة في المنـزل، باستعمال المسكِّنات العادية مثل الباراستامول Paracetamol أو مُضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة Non-steroidal anti-inflammatory drugs (NSAIDs) أو الأسبرين (لا يُعطى الأسبرين لمن هنَّ دون 16 سنة من العمر). وقد يصف الطَّبيب حبوب منع الحمل الفمويَّة المشتركَة Combined oral contraceptive pill لتَخفيف الألم، لأنَّها تعمل على تَرقيق البطانة الرَّحميَّة وتقليل إطلاق البروستاغلاندينات.
وهناك عددٌ من الطُّرق التي يمكن معالجة عُسر الطَّمث بها، ضمن ما يُعرَف المساعدة الذَّاتيَّة Self-help، مثل ممارسَة التَّمارين كالسباحة والمشي أو ركوب الدرَّاجة، وتطبيق الحرارة الموضعيَّة على البطن (رفادات حارَّة أو عبو ماء ساخة)، والحمَّام السَّاخن، والتَّمسيد Massage اللطيف الدَّائري حول أسفل البطن، وطرائق الاسترخاء Relaxation techniques (كاليُوغا)، وغير ذلك ممَّا ينصح به الطَّبيب.
وبالنسبة لعُسرِ الطَّمث الثَّانوي، فقد تحتاج المريضةُ إلى معالجات خاصَّة حسب توجيهات الطَّبيب، مثل إعطاء المُضادَّات الحيويَّة في حالةِ الدَّاء الالتِهابِي الحَوضي، أو القيام بالجراحة في حالة الأورام الليفيَّة، فضلاً عن المسكِّنات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق