تنطوي الأَوقاتُ العَصيبة للأزمات العاطفية والنفسية على نوعٍ من الشعور بالخسارة والفقدان، كفقدان أحد أفراد الأسرة أو انتهاء العلاقة الزوجية أو أيَّة علاقة أخرى على سبيل المثال.
يشعر معظمُ الناس بالحزن والتفجُّع عندما يفقدون شيئاً أو شخصاً مهماً بالنسبة لهم. ويمكن أن يكونَ الشعورُ بالحزن لا يُطاق، لكنَّه حالة ضرورية في بعض الأحيان.
كيف يبدو الشعورُ بالحزن؟
تعتمد الطريقةُ التي يؤثِّر بها الحزن في الشخص على أشياء كثيرة، مثل طبيعة الخسارة، والتربية أو التنشئة التي درج عليها المرء، والمعتقدات أو الدين، والعمر، والعلاقات، والحالة الصحِّية البدنية والعقلية.
يمكن أن يتفاعل الشخصُ مع الحدث بعددٍ من الطرق تجاه الخسارة أو الفقدان. لكن الحزنَ أو التفجُّع يتكوَّن في نهاية المطاف من عدَّة عواطف أو انفعالات رئيسيَّة. يأتي القلقُ واليأس أوَّلاً في غالب الأحيان. كما أنَّ الغضبَ شائِع أيضاً، بما في ذلك الشعور بالغضب تجاه أيِّ شخص قد مات تارِكاً المرءَ الحزين وراءَه. وهذا جزءٌ طبيعي من عملية الحزن، ويجب ألاَّ يشعرَ المرءُ بالذنب حيال ذلك. وهناك الأسى أيضاً، وهو يأتي في وقت لاحق غالباً.
إنَّ معرفةَ هذه المشاعر، وإدراك شيوعها، يمكن يساعدَ على التكيُّف معها. ولكن من المهمِّ جداً أن نعرفَ أنَّها سوف تَمرُّ وتنقضي. ومع ذلك، يستغرق بعضُ الناس وقتاً أطول من غيرهم للتعافِي، ويحتاج بعضُهم إلى المساعدة من طبيب أو ناصح. ولكن في نهاية الأمر، يتكيَّف المرء مع الخسارة، وتخفُّ شدَّةُ المشاعر الجيَّاشة عادة.
التعامل مع العواطف والانفعالات
يتطلَّب الحزن فترةً من التكيُّف والتعافي دائماً. ولكن، ينبغي على الشخص أن يحترم نفسَه والحزن الذي يشعر به خلال هذه الفترة. وقد يشعر باليأس لفترة من الوقت، ولابدَّ من أن يكون صبوراً مع نفسه.
ليس هناك وقت محدَّد لديمومة الحزن، فقد يشعر المرء به كلَّ يوم لمدَّة عام إلى ثمانية عشر شهراً تقريباً بعدَ التعرُّض لخسارة كبيرة. وبعدَ هذا الوقت، يبدأ الحزن بالتراجع.
أشياء عمليَّة يمكن القيام بها خلال فترة الأزمة أو الخسارة
● التعبير عن النَّفس. يعدُّ التحدُّث في كثير من الأحيان وسيلةً جيِّدة لتهدئة العواطف المؤلمة؛ فالحديثُ مع أحد الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة أو الأطبَّاء أو العاملين في القطاع الصحِّي يمكن أن يسهمَ في بدء عمليَّة الشفاء.
● السماح بالشعور بالحزن والأسى. إنَّ ذلك هو جزء صحِّي من عملية الحداد والتفجُّع؛ فالبكاءُ يمكن الجسِّمَ من تخفيف التوتُّر.
● الحفاظ على جدول زمني. يُوصَى بالإبقاء على أشياء بسيطة في حياة المرء الروتينيَّة، حيث يُقلِّل ذلك من مشاعر الذعر. ومن المهمِّ أن يرى الشخصُ الناس الآخرين مرَّةً في الأسبوع على الأقل، لأنَّها يمثِّلون أساساً يعتمد عليه المرء.
● النوم. يمكن أن يجعلَ التوتُّرُ النفسي المرءَ متعباً جداً؛ فإذا كان يواجه مشكلة في النوم، يجب مراجعة الطبيب.
● تناول الطعام الصحِّي. يساعد اتِّباعُ نظام غذائي صحِّي ومتوازن على التعامل والتكيُّف مع الانفعالات والمشاعر.
● تَجنُّب الأشياء التي تخدِّر المشاعر، مثل الكحول، حيث تجعل المرءَ يشعر بمزيد من الحزن بعدَ زوال تأثيرها.
● طلب المشورة إذا شعر الشخصُ بالحاجة إلى ذلك، ولكن ليس فوراً، إنَّما بعدَ حين؛ فالعواطفُ يمكن أن تطغى على المرء في البداية. ولذلك، قد تكون الاستشارة أكثرَ فائدة بعدَ بضعة أسابيع أو أشهر. ولكنَّ الشخص فقط هو الذي يعرف متى يكون مستعداً لذلك.
الأطفال
عندما يكون لدى الشخص أطفال، فقد لا يرغب في إظهار مشاعره أمامهم؛ وهذا أمر جيِّد أحياناً؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكونَ إظهار الغضب تجاه الوالد الآخر خِلال فترة الفِراق مؤلماً بالنسبة للطفل، حيث يجب طمأنة الطفل بأنَّ الفراقَ ليس ذنبَ أحد، لأنَّ ذلك هو مفهومٌ خاطئ شائِع بين الأطفال. كما يجب الحفاظ على روتين حياتهم بشكلٍ طبيعي قدرَ الإمكان.
ومع ذلك، إذا كان كلا الوالدين يشعران بالحزن تجاه أحد أفراد العائلة، فمن المفيد للأطفال في بعض الأحيان أن يروا أنَّ الشعورَ بالحزن والبكاء أمرٌ طبيعي. ولابدَّ من إيلاء مزيد من الاهتمام عندما يرغب الطفل بنقل مشاعره، سواءٌ أكان ذلك من خلال الحديث أو الرسم أو الألعاب. يحتاج الأطفال إلى الشعور بالمعرفة وإلى من يستمع إليهم، بحيث يُشمَلون بالقرارات والأحداث إذا كانت ذلك مناسباً.
طلب المساعدة والعون
هناك الكثيرُ من الدعم المتاح في أثناء الأزمات الشخصية أو الخسارات الكبيرة. لذلك، يجب طلب المساعدة إذا كان أيٌّ من الحالات التالية ينطبق على الشخص:
● الشعور بعدم القدرة على التكيُّف مع العواطف السَّاحقة أو الحياة اليومية.
● استمرار العواطف الأولية الجيَّاشة.
● عدم القدرة على النوم.
● ظهور أعراض الاكتئاب أو القلق الشديد.
● تأثُّر العلاقات الشخصية والعائلية.
● ظهور مشاكل جنسية بين الزوجين.
● التعرُّض للحوادث.
● عندما يكون الشخصُ مسؤولاً عن رعاية آخر غير قادر على التكيُّف.
عيادةُ الطبيب هي مكان جيِّد للبدء دائماً، حيث يمكن أن يقدِّمَ المشورةَ حولَ خدمات الدعم الأخرى، أو يحوِّل المريضَ إلى طبيب آخر إذا كان ذلك مناسباً، أو يصف الدواءَ إذا لزم الأمر.