الأربعاء، 29 يناير 2014

الانتحار الأمراض النفسية

الانتحار - كافةقد يأخذُ الناسُ الانتحار بالاعتبار عندما يَشعرون باليأس ولا يكون بإمكانهم رُؤية أي حلّ آخر لمشاكلهِم. وهو يَرتبط غالباً بالاكتئاب الشديد وبمعاقرَة الكحول أو إدمان مادّة أو بحدث يثير توتّراً نفسياً كبيراً. تحدث مُعظمُ حالات الموت بِسبب الانتحار بين الرجال بيض البَشرة. بيد أنَّ التقارير تُفيد بمحاولات أكثر للانتحار بينَ النساء والمُراهقين. إذا تكلّم شخصٌ ما عن الانتحار، فيجب أخذه على مَحمل الجد. وينبغي حثه على الحُصول على مُساعدَة عند طبيب أو في غرفة الطوارئ. كما يُوجد في بعضِ المَناطق خُطوطٌ ساخنة للوِقايَة من الانتحار يستطيع الناس الاتصال بها ليحصلوا على استشارة فَوريّة عندما تكون عِندهم أفكار انتحاريّة. ويمكن أن تُساعد المُعالجة النفسية والأدوية معظم من عِندهم أفكار انتحاريّة. ويُمكنُ لعلاج الأمراض النفسيّة ومُعاقَرة مواد الإدمان أن يُقلل خُطورة الانتحار. 

مُقدّمة

الانتحارُ هو اللجوء إلى وَضع حدٍّ للحياة. وهو قضيّة صحّة عامّة رئيسيّة؛ فهناك نحوَ مليون شخصٍ يموتون في أرجاء العالم كلّ سَنة بسببِ الانتحار. الانتحارُ حدثٌ مأساوي، لكن يُمكن الوِقاية منه غالباً؛ فمعرِفَة عَوامِل خُطورَة الانتحار ومن يكون تحت خُطورته يمكنُ أن يُساعد على تقليل مُعدلات الانتحار. يتحدّثُ هذا البرنامج عن الانتحار. وهو يشتملُ مَعلومات عمن يكون تحت الخُطورة، وكيف يُمكن الوِقاية من الانتحار، وما الذي يُمكن فعله في حال أخذ شخص أو أحد مَعارفه الانتحار بالاعتبار.

الانتحار

الانتحار هو اللجوء إلى وَضع حدٍّ للحياة. وهو رَدّ فعلٍ على مواقف الحياة المُثيرة للشدّة النفسيّة. يَشعرُ مُعظم الناس بالانزعاج على موضوع الانتحار. كما يُلامُ الضّحايا ويلحقُ الخزي بعائلاتهم وأصدقائهم في الكثير من الأحيان. ولذلك لا يتكلّم الناس بصراحَة عن الانتحار. يحتل الانتحارُ المرتبةَ العاشرة بين أكثر أسباب الوفاة في أمريكا. قد يلجأُ النّاس إلى الانتحارِ عندما يَشعرون باليأس. وقد لا يكونون قادرين على رؤية أي حلٍّ آخر لمشاكلهم. يرتبط الانتحار غالباً مع:
  • حَدث رئيسي مثير للتوتر النفسي.
  • مُعاقَرة الكُحول أو مواد الإدمان.
  • الاكتئاب الشديد.
تشتملُ بعض المواقِف الحياتيّة الشائعة التي يُمكن أن تتسبّب بأفكار انتحاريّة على:
  • أزمة ماليّة، والتي لا يملكُ الشخصُ فيها عملاً أو يكون مُثقلاً بالديون.
  • مَشاكل صحيّة، والتي يكون المرض فيها قد قلل كثيراً من جودة الحياة.
  • فقد محبوب، والذي قد يحدث بسبب انفصال صَعب أو موت.
عندما لا يكون لدى الشخصِ أملٌ في المُستقبل، فقد يفترض على نحوٍ خاطئ أنَّ الانتحارَ هو الحلّ. قد لا يكون الشخصُ قادراً على تخيّل وقت في المُستقبل تكون فيه الأزمة قد انتهَت. وقد يبدو الانتحار على أنه السبيل الوَحيد للخروج من المأزق. من المُحتمل أن يكون الانتحار مُرتبطٌاً جُزئياً بالمورّثات؛ فالأشخاصُ ذوو التاريخ العائليّ للانتحار أكثر عُرضة لمحاولة انتحار أو لأن يكون عندهم أفكارٌ انتحاريّة. يعتقد بَعضُ الباحثين أن هذا قد يرتبط بجينات السلوك الاندفاعي. إذا تكلّم شخصٌ ما عن الانتحار، فيجب أخذه على مَحمل الجد. وينبغي حثه على الحُصول على مُساعدَة عند طبيب أو أن يذهب إلى غرفة الطوارئ. كما يُوجد في بعض المناطق خطوطٌ ساخنة للوِقايَة من الانتحار يستطيع الناس الاتصال بها ليحصلوا على استشارة فَوريّة عندما تكون عِندهم أفكار انتحاريّة. إذا كان عندَ الشّخص أفكارٌ انتحارية، يجب أن يحصل على مُساعدة من مُحترف. تستطيع المُعالجة النفسيّة والأدوية أن تُساعِد معظم المرضى على التغلُّب على أفكارهم الانتحارية وتحسين حياتهم. 

الوقاية من خلال العلامات المُنذرة

الانتحارُ هو مُشكلة صَحّة عامّة مهمّة. وهناك أمورٌ كثيرة يجب تعلّمها عن كيفيّة الوقايَة منهُ. وتكمنُ إحدى الإستراتيجيات في معرفة العلامات المُنذرة للانتحار. يستعرضُ هذا القسم بعض أكثر العلامات المُنذرة شُيوعاً. غالباً ما يتحدّث الأشخاص الذين يُفكرون بالانتحار عن الانتحار قبل أن يضعوا حداً لحياتهم. قد يقول الشخصُ أموراً من مثل: "سوفَ أقتل نفسي" أو "سيكون من الأفضل أن أموت". يجب حمل تعابيرَ من هذا النوع جدياً، حتى ولو بدا أنَّ الشخص غير جاد. قد تتركَّز أفكار الشخص الذي يُفكرُ بالانتحار حولَ الموت أو العنف. قد يختار الشخص كُتباً أو أفلاماً تدور عن تلك المواضيع دائماً. وقد يتحدث بشكلٍ مُتكرر عن قصص الأخبار التي تتحدَّث عن تلك المآسي. غالباً ما يأخذ الأشخاص الذين ينوون اقتراف الانتحار وَقتاً في التخطيط لكيفيّة تَنفيذه؛ فمثلاً، قد يسعى الشخص الانتحاريّ لاقتناء مُسدّس. وقد يجمع حبوباً يمكن أن يتسبّب فرط جرعتها بالموت. كما قد ينسحب الشخصُ من المُخالطة الاجتماعيّة إذا كان يُفكّر بالانتحار. وقد يتحدث باستمرار أنه يود أن يبقى وَحيداً. عندما يُفكّر الشخص بوضح حدٍّ لحياته، فقد تحدث عنده تغيّرات في الشخصيّة أو قد يُصبح قلقاً أو مُهتاجاً. ومن الشائع أيضاً أن يكون عِندهم تذبذبات في المزاج؛ فقد يكون إيجابياً جداً في أحد الأيام ومُثبط الهمّة للغاية في اليوم التالي. يتكلّم الناس الذين يُفكرون بالانتحار غالباً عن شُعورهم بالوقوع في شرك الموقف أو باليأس منه. وقد يبدؤون بتعاطي الكحول أو المُخدّرات أو قد يزيدون من تعاطيهما في مُحاولة للتعامل مع تلك الانفعالات. كما أنّ التغيّر في الروتين المُعتاد شائعٌ أيضاً عندَ الأشخاص الذين يُفكرون بالانتحار. ويتضمّن هذا تغيّرات في الأكل وأنماط النّوم وحضور العمل والمناسبات الاجتماعيّة. وقد تظهرُ عندهم تصرفات خَطيرة أو مؤذية للنفس، مثل تعاطي المُخدّرات أو القيادة المُتهوّرة. ومن الشّائع أيضاً أن يتخلّص من يأخذ الانتحار بنظر الاعتبار من متعلِّقاته؛ فقد يبدأ، دون سببٍ واضح، بوضع تسلسل لشؤونه، حيث قد يُسدِّد ديوناً قَديمة أو يضع وصيتَه الأخيرة. وقد يقول وداعاً وكأنك لن تراه مُجدداً. عند ظهور تلك العلامات المُنذرة، يجب الاتصال فوراً بشخص في خدَمات الدّعم؛ فبإمكانه أن يُساعد على إنقاذ الحياة. 

عوامِل الخُطورة

الانتحار لا يُميّز بين الناس، فكلّ الناس من جميع الأجناس والأعمار والأعراق هم تحت خُطورة الانتحار. بيد أنَّ الناس الواقعين تحت خُطورة أكبَر للانتحار يميلون إلى تقاسم خَصائص مُعيّنة. عَوامِل الخُطورة الرّئيسّة للانتحار هي:
  • مُحاولة انتحار سابقة.
  • اكتئاب أو اضطرابات نفسية أخرى أو مُعاقرة المواد المُسببة للإدمان.
  • تاريخ عائلي لاضطراب نفسي أو مُعاقرة المواد المُسببة للإدمان.
  • تاريخ عائلي للانتحار.
  • عُنف أسريّ، بما في ذلك الاعتداء الجسدي أو الجنسي.
تشتمل عوامل الخُطورة الأخرى للانتحار على:
  • التعرّض لسلوك انتحاري آخر، كما في ذلك الموجود عند أفراد آخرين من العائلة أو الأقران أو شخصيات وسائل الإعلام.
  • التعرّض للسجن أو الاعتقال.
  • وجود مسدسات أو أسلحة ناريّة أخرى في المنزل.
الرجالُ أكثر عُرضة للموت بِسبب الانتحار من النساء، إلاَّ أنَّ احتمال أن تحاول النساء الانتحار أكبر، فاحتمال أن يلجأ الرجال لطرق مميتة، مثل الأسلحة الناريّة أو الخنق، أعلى. بينما احتمال أن تحاول النساء الانتحار بالسم أعلى منه عندَ الرجال. الأطفالُ والشباب هم أيضاً تحت خُطورة الانتحار. ويبقى الانتحار مع توالي السنين واحداً من أكثر ثلاثة أسباب للموت عند الشباب بين عُمري 15-24 سنة في الدول الغربية. المُسنُّون عرضة لخُطورة الانتحار أيضاً. وعلى أرض الواقع يكون لدى الرجال البيض بعمر 85 سنة أو أكثر دوماً أعلى مُعدّل انتحار من بين أي فئة عُمرية أو عرقية أخرى. يكونُ لدى الكثير من الناس بعض عوامِل الخُطورة تلك، لكنهم لا يُحاولون الانتحار، الانتحار استجابةٌ غير طبيعيّة للتوتّر النفسي. وهو على أي حال إشارة إلى ضائقة شديدة لا محاولة غير مؤذيةٍ للفت الأنظار. 

الحُصول على المُساعدَة

إذا لجأ شخصٌ ما إلى مُحاولة انتحار وآذى نفسه، أو كان تحتَ خطورَة مُباشرة لأذيّة نفسه، فيجب الاتصال بالطوارئ أو بالإسعاف المحلي فوراً. وبالنسبة للأشخاص الذين لم يؤذوا أنفسهم، لكنهم يُعانون من أفكار مُستمرّة عن الانتحار، فيمكن الاتصال بأرقام خطوط الانتحار الساخنة إن وُجدت. من الصعب جداً على الشخص أن يَقومَ بمفرده بالسيطرة على أفكاره وسلوكه الانتحاري. مساعدة الأخصائي أمرٌ ضروريّ للتغلّب على المَشاكِل المُرتبطة بالتفكير الانتحاري. يجب أن يَتحدّثُ الأشخاص الذين عندهم أفكار انتحاريّة، لكنهم ليسوا في موقِف مُتأزّم مع مُقدّم الرعايَة الصحيّة حول الخَيارات العلاجيّة. وقد يتضمّن العلاج:
  • المُعالجَة النفسيّة.
  • علاج الإدمان.
  • الأدوية.
  • الدعم والتثقيف العائلي.
يمكن أن تُساعد المُعالجة النفسيّة الناس على اكتشاف القضايا التي تجعلهم يشعرون بالرّغبَة بالانتحار. وتُوضَع خِطّة علاج ذات أهداف تُحدّد ذهنياً. يجب عدم تفويت جَلسات المُعالجة النفسية، حتى ولو أحسّ الشّخص بعدم رغبة في الذهاب. إن تثقيف الأشخاصُ عن أسباب الأفكار والتصرفات الانتحاريّة سيقلل احتمالية محاولة الانتحار لديهم؛ فمعرفةُ السبب المُستبطن، مثل الاكتئاب، يمكن أن تُساعد الشخص على التغلّب على أفكار أذيّة النفس. كما يمكن أن تُساعدَ المعالجةُ النفسية وعلاجات أخرى في التغلّب على الإدمان. قد يُؤدّي إدمان المُخدرات أو الكحول إلى أفكار انتحاريّة. تُستخدم الأدوية غالباً لعلاج المرضى ذوي الأفكار الانتحاريّة. وتتضمّن الأدوية:
  • أدوية مُضادّة للقلق.
  • مضادات الاكتئاب.
  • مُضادّات الذُّهان.
  • أدوية أخرى تُستخدم لعلاج العلل النفسيّة.
يجب أخذ الأدوية في حال وصفها تماماً كما تم وصفها. ويجب ألاَّ يُفوّت الشخص جرعةً، حتى ولو أحسّ أنه على ما يُرام. كما يمكن للدعم والتثقيف الأسري أن يُساعِد. ويمكن تعليم الأشخاص الذين يسعون لعلاج أفكارهم الانتحارية عما يمكن أن يُثيرهم. ويَستطيعُ المرضى وأصدقاؤهم وعائلاتهم بعدها أن ينتبهوا للعلامات المُنذرة، وأن يتصرّفوا بشكلٍ صحيح. كما أنَّ هناك عدداً من المُؤسّسات التي تُساعد الناس على التعامل مع التفكيرِ الانتحاري. قد يُساعد الانضمام لواحدة أو أكثر من تلك المجموعات المرضى على اكتشاف المَشاكِل الشّخصيّة التي تتسبّب بالتفكير الانتحاري وتؤمّن بدائل صحية لحلِّ تلكَ المَشاكل. كما أنَّ هناك مجموعات لدعم وتثقيف العائلات. للمحافظة على وقاية النفس أو شخصٍ مُقرَّب من الشعور بالحاجة للانتحار يمكن:
  • الحُصول على علاج.
  • اتباع خِطة العلاج.
  • معرفة العلامات المُنذرة.
  • إزالة أية وسائل مُحتملة لاقتراف الانتحار.
  • تأسيس شبكة دعم من الناس المُهتمين.
  • تذكّر أنّ المشاعر الانتحارية هي مُؤقّتة.

الخلاصة

الانتحارُ هو اللجوء إلى قتل النفس. قد يأخذ الناس الانتحار بالاعتبار عندما يَشعرون باليأس ولا يكون بإمكانهم رؤية أي حلّ آخر لمشاكلهم. وهو يَرتبط غالباً بالاكتئاب الشديد وبإدمان الكحول أو مادّة أخرى أو بحدث يثير توتّراً نفسياً كبيراً. 
الانتحار لا يُميّز بين الناس، فكلّ الناس من جميع الأجناس والأعمار والأعراق هم تحت خُطورة الانتحار. يوجد العديد من الأسباب لأن يأخذ الشخص الانتحار في اعتباره. تنشأ الأفكار الانتحاريّة في المقام الأول عندما يشعر الشّخصُ كما لو أنّه غير قادرٍ على التّعامل مع ما يبدو له موقفَ حياة ساحِقاً. يعتمدُ الحُصول على مُساعدَة لعلاج الأفكار والتصرّفات الانتحارية على الموقف بحد ذاته، بما في ذلك مستوى خُطورة الانتحار عند الشخص والمَشاكل المُستبطنة التي تسبّب الأفكار أو التصَرفات الانتحاريّة. يمكن أن تكونَ المُعالجة النفسيّة والأدوية ومُعالجة الإدمان والدعم والتثقيف الأسري فعَّالة في مُساعدة المرضى على الوقاية من الانتحار. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق