تُشكِّل عدوى الأذن أكثر الأمراض انتشاراً عند الأطفال الرضّع والصغار؛ وغالباً ما تُؤثِّر العدوى في الأذن الوسطى، وتُدعى "التهاب الأذن الوسطى"، حيث تصبح القنواتُ داخل الأذن مسدودة بالسوائل والمخاط، ممَّا قد يؤثِّر في حاسَّة السمع، لأن الأصوات لا تستطيع العبورَ من خلال تلك السوائل كلِّها.
وإذا لم يكن الطفلُ قادراً بعدُ على الكلام، فلابدَّ من البحث عن علامات الالتهاب، وهي:
• يشدّ الطفل أذنه بقوَّة.
• البكاء أكثر من المعتاد.
• سيلان من الأذن.
• النوم القلِق.
• صعوبات التوازن.
• مشاكل في السمع.
تختفي عدوى الأذن من تلقاء نفسها غالباً، لكنَّ الطبيبَ قد يوصي بتناول مُسكِّنات الألم، وقد تتطلَّب الحالات الحادَّة وحالاات الأطفال الرُضَّع تناولَ المُضادَّات الحيوية. كما يُمكن أن يحتاجَ الأطفالُ الذين يُصابون بعدوى متكرِّرة إلى عملية جراحية لزرع أنابيب دقيقة داخل الأذن؛ إذ تقوم هذه الأنابيبُ الدقيقة بتخفيف الضغط داخل الأذن بحيث يستطيع الطفل أن يسمعَ من جديد.
إذا لم يُعالج التهابُ الأذن الوسطى، فإنَّه يمكن أن يؤدِّي إلى نقص سمع دائم. كما يمكن أن تنتقلَ العدوى من الأذن الوسطى إلى الدماغ.
يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم التهاب الأذن الوسطى وأسبابه وأعراضه وتشخيصه وخيارات معالجته. كما يتضمَّن نصائح للوقاية من التهاب الأذن الوسطى.
وفي الأذن ثلاثةُ أقسام:
يتألَّفُ الصيوانُ من غُضْروف يغطِّيه الجلد. وعلى خلاف العظم، يمكن أن يستمرَّ نموُّ الغضروف مدى الحياة، وهذا ما يفسِّر أنَّ الأذن عند كبار السن أكبرُ منها عند صغار السنِّ.
يعمل الصيوانُ عملَ الطبق اللاقط، حيث يجمع الموجاتِ الصوتيَّة التي هي اهتزازات في الهواء.
تدخل الموجاتُ الصوتية عبر مجرى السمع، وتصل إلى غشاء الطبل، فيهتزُّ الغشاء وينقل الاهتزازَ إلى العظيمات السمعية الثلاث في الأذن الوسطى التي تنقل الاهتزازَ بدورها إلى الأذن الداخلية.
ثم تصل الاهتزازاتُ المرسلة إلى عضو خاصٍّ في الأذن الداخلية، يُعرَف باسم "الحلزون" أو "القوقعة"، والذي له شكل الحلزون، وتتحوَّل الاهتزازاتُ داخله إلى إشارات كهربائية.
ويحمل العصبُ، الذي يُدعى العصبَ الثامن، هذه الإشارات الكهربائية إلى الدماغ الذي يفسِّرها كأصوات.
هناك جزءٌ آخر من الأذن الداخلية، إضافة إلى العصب الثامن، مسؤول عن التوازن. ولهذا السبب، تتلازم في كثير من الحالات مشاكلُ نقص السمع مع مشاكل التوازن.
يساعد وجودُ أذنين لدى المرء على معرفة مصدر الصوت، ذلك أنَّ الموجات الصوتية تصل إلى الأذن الأقرب قبل وصولها إلى الأذن الأخرى. ويستطيع الدماغُ تحديدَ مصدر الصوت، حتَّى إذا كان الفارق أقلَّ من ثانية.
نفير أوستاش (أو النَّفير) هو ممرٌّ صغير يصل بين الأذن الوسطى والجزء العلوي من البلعوم.
يكون نفيرُ أوستاش مغلقاً في العادة، ولكنَّه يفتح بشكل دوري ليسمح بمرور الهواء إلى الأذن الوسطى، كما أنَّه يوازن الضغط على جانبي غشاء الطبل عندما يتغيَّر الضغطُّ الخارجي.
تفقد الأذنُ الوسطى تهويتَها إذا كان نفيرُ أوستاش مغلقاً بالمخاط أو بسبب ورم، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى تراكم السائل من النسيج الذي يبطِّن الأذن الوسطى.
إذا بقيَ نفيرُ أوستاش مغلقاً، يصعب نزحُ السائل، ويبدأ بالتجمُّع في الأذن الوسطى.
النَّاميات أو الزوائد اللحميَّة هي غددٌ خاصَّة تساعد على مقاومة العدوى، وتوجد في القسم العلوي الخلفي من البلعوم، قرب نفير أوستاش.
يبدأ التهابُ الأذن الوسطى غالباً بعد عدوى تسبِّب ألماً في البلعوم أو زُكاماً أو أيَّة مشكلة تنفُّسية علوية تنتقل إلى الأذن الوسطى. ويمكن أن ينجم الالتهابُ عن فيروسات أو جراثيم.
تصل الجراثيمُ إلى الأذن الوسطى عبر النسيج الذي يبطِّن نفير أوستاش، فتسبِّب العدوى التي تؤدِّي إلى تورُّم الأذن الوسطى وانسداد نفير أوستاش.
تقاوم الكرياتُ البيض في الدم العدوى، فتُهاجم وتقتل الجراثيم، ويموت بعضها فيتشكَّل القيح في الأذن الوسطى. والقيحُ هو سائلٌ سميك أبيض مائل إلى الصُّفرة.
عندما يتجمَّع السائلُ في الأذن الوسطى، يمكن أن يشكو المريضُ من مشاكل في السمع، لأنَّ ذلك يؤثِّر في حركة غشاء الطبل والعُظَيمات السمعية.
مع تقدُّم المرض، يعاني الطفلُ المريض من آلام مبرِّحة. ويؤدِّي تزايدُ السائل في جوف الأذن الوسطى إلى الضغط الشديد على غشاء الطبل، ممَّا يقود إلى تَمزُّقه.
إذا لم يُعالج التهابُ الأذن الوسطى، يمكن أن ينتقلَ من الأذن الوسطى إلى الأجزاء المجاورة من الرأس، بما في ذلك الدماغ، مع ما لذلك من مضاعفات أشد خطورة.
يمكن أن يعاني الطفلُ الذي يتكرَّر لديه التهاب الأذن من نقص سمع في مرحلة هامَّة من حياته؛ فالطفلُ الذي لا يسمع جيِّداً لا يمكنه أن يتعلَّم الكلام ونطقَ الأصوات المختلفة، وقد يصبح مُعاقاً من حيث النطقُ أو اللغة.
من الصعب تحرِّي التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال بعمر ثلاث سنوات أو أقل غالباً؛ ففي هذا العمر، لا يمتلك الطفلُ المهارات اللغوية الكافية لشرح شكواه.
إذا كان لدى الطفل أيٌّ من العلامات التالية، فعلى الأبوين أن يشكَّا بالتهاب الأذن الوسطى، ويراجعا الطبيب في الحال.
ومن العلامات الأخرى في التهاب الأذن الوسطى:
كما يمكن أن يستخدم الطبيبُ نوعاً آخر من المناظير أيضاً لمعرفة ما إذا كان هناك سائلٌ خلف غشاء الطبل، وهو المنظارُ الهوائي. وهذا المنظار ينفخ الهواءَ على غشاء الطبل، فإذا كان هناك سائلٌ خلف الغشاء، فإنَّ الغشاء لا يتحرَّك كما يتحرَّك الغشاءُ الذي لا يوجد سائل خلفه.
ويمكن أن يُجري الطبيبُ ما يُدعى اختبارَ المعاوقة السمعيَّة للمريض، حيث يدخل سدادة صغيرة قصيرة في مجرى السمع لتغيير ضغط الهواء في المجرى وقياس وظائف الأذن الوسطى.
ولمعرفة ما إذا كان المريضُ يعاني من أيِّ نقص سمع، يمكن إجراء تخطيط سمع. واختصاصيُّ السمع هو من يجري الاختبارات السمعيَّة عادة.
تؤكِّد التوصياتُ الحالية الصادرة عن معظم الأكاديميات الطبية وطب الأطفال، على ضَرورة معالجة كلِّ الأطفال دون السنتين من العمر ومعالجة الأطفال الأكبر سناً إذا كانت أعراضُهم شديدة؛ أمَّا إذا كانت أعراضُهم خفيفة، فتكفي المتابعةُ لمراقبة عدم تزايد شدَّة الأعراض دون إعطاء المضادَّات الحيوية.
يمكن أن تسبِّب المُضادَّات الحيويَّة آثاراً جانبية غير مرغوبة أيضاً، مثل الغثيان والإسهال والطفح الجلدي. لذلك يجب أن يُسأل الطبيب عن الآثار الجانبية المحتملة للمضادِّ الحيوي.
إذا كان الطفلُ يُعاني من الألم، يمكن أن يُعطى مسكِّناً للألم. ومن المهمِّ جداً الالتزام بتعلميات الطبيب؛ فعندما يتمُّ البدءُ بتناول المضادِّ الحيوي، يجب الاستمرارُ به طوالَ المدَّة التي يحدِّدها الطبيب.
يطلب معظمُ الأطبَّاء أن يراجعهم الطفلُ للتأكُّد من شفاء الالتهاب.
بعد أن يشفى الالتهابُ، يمكن أن يبقى السائلُ في الأذن الوسطى لعدَّة أشهر، وهذا السائلُ يختفي في غضون 3-6 أسابيع إذا لم تغزوه الجراثيم. ويمكن أن تساعدَ المُضادَّاتُ الحيويَّة أحياناً على تصريف هذا السائل بسرعة.
إذا بقيَ السائلُ في الأذن الوسطى لأكثر من ثلاثة أشهر، وترافق مع نقص في السمع، يوصي الكثيرُ من الأطبَّاء بوضع أنابيب تهوية في الأذن المصابة؛ وهذه العمليةُ تُسمَّى خزع غشاء الطبل.
من يقوم بعملية خزع غشاء الطبل هو طبيبُ الأذنية، وهو طبيبٌ متخصِّص بأمراض الأذن والأنف والحنجرة. ويعود الطفلُ إلى بيته في اليوم نفسه الذي يخضع فيه للعملية.
يقوم الطبيبُ، تحت التخدير العام، بإجراء شقٍّ في غشاء الطبل عند الطفل؛ ثم يضع في الشقِّ أنبوبُ تهوية يساعد على تهوية الأذن والحفاظ على توازن الضغط على جانبي غشاء الطبل.
يبقى الأنبوبُ في غشاء الطبل من ستَّة إلى اثني عشر شهراً عادة، ثمَّ يخرج بعدها تلقائياً.
إذا كان لدى الطفل نامياتٌ أو زوائد لحميَّة ضخمة أو ملتهبة، يمكن أن ينصح الطبيبُ بإجراء عملية تجريف للناميات في الوقت نفسه الذي يضع فيه أنابيبَ التهوية.
لقد تبيَّنَ أنَّ تجريفَ الناميات يقلِّل من التهاب الأذن الوسطى عند بعض الأطفال، إذا كان الطفلُ قد تجاوز الرابعة من العمر. وهذه العمليَّةُ تُسمَّى استئصال الناميات (تجريف الناميات).
لا يقلِّل استئصالُ اللوزتين من حدوث التهاب الأذن الوسطى لدى الطفل؛ ولكنَّ استئصالَ اللوزتين والناميات يمكن أن يكونَ علاجاً لحالات أخرى غير تصريف سائل الأذن الوسطى.
يمكن استعادةُ السمع بالكامل بعد إزالة السائل من الأذن الوسطى. ولكن، هناك أطفالٌ يحتاجون إلى تكرار العملية إذا عادَ التهابُ الأذن الوسطى بعد خروج أنابيب التهوية.
عندما يكون الأنبوبُ في غشاء الطبل، يجب حماية الأذن من الماء. ويوصي الكثيرُ من الأطبَّاء بأن يضعَ الطفلُ الذي تمَّ وضعُ أنابيب تهوية له سداداتٍ خاصَّة على أذنيه خلال السباحة والاستحمام، لكي لا يدخل الماءُ إلى الأذن الوسطى.
يكون الأطفالُ الذين يعيشون مع مدخِّنين أكثرَ عرضة للإصابة من الأطفال الذين يعيشون في بيئةٍ خالية من دخان السجائر؛ فالطفلُ الذي لديه استعدادٌ للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى يجب ألاَّ يوجد في أماكن فيها دخان سجائر.
يكون الرضَّعُ الذين يشربون الحليب من الزجاجة، وهم مضطَّجعون، أكثرَ عُرضة للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى ممَّن يشربون الحليب بالإرضاع الطبيعي.
لقد بيِّنت البحوثُ أنَّ أدوية الزُّكام والتحسُّس، مثل مضادَّات الهيستامين ومضادَّات الاحتقان، لا تفيد في الوقاية من التهاب الأذن الوسطى.
من المهمِّ معرفةُ أعراض التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال قبل أن يسبِّب الالتهابُ ضرراً خطيراً على سمع الطفل؛ فإذا تأثَّر سمعُ الطفل، فإنَّه قد يعاني من مشاكل لغوية.
من المهمِّ بعد المعالجة مراجعةُ الطبيب للتأكُّد من زوال الالتهاب.
بفضل التقدُّم الطبي، يمكن تشخيصُ التهاب الأذن الوسطى ومعالجته بسهولة، وهذا يمكِّن الأطفالَ من تطوير مهاراتهم السمعية واللغوية بشكل طبيعي.
وإذا لم يكن الطفلُ قادراً بعدُ على الكلام، فلابدَّ من البحث عن علامات الالتهاب، وهي:
• يشدّ الطفل أذنه بقوَّة.
• البكاء أكثر من المعتاد.
• سيلان من الأذن.
• النوم القلِق.
• صعوبات التوازن.
• مشاكل في السمع.
تختفي عدوى الأذن من تلقاء نفسها غالباً، لكنَّ الطبيبَ قد يوصي بتناول مُسكِّنات الألم، وقد تتطلَّب الحالات الحادَّة وحالاات الأطفال الرُضَّع تناولَ المُضادَّات الحيوية. كما يُمكن أن يحتاجَ الأطفالُ الذين يُصابون بعدوى متكرِّرة إلى عملية جراحية لزرع أنابيب دقيقة داخل الأذن؛ إذ تقوم هذه الأنابيبُ الدقيقة بتخفيف الضغط داخل الأذن بحيث يستطيع الطفل أن يسمعَ من جديد.
مقدِّمة
التهابُ الأذن الوسطى هو عدوى الأذن الوسطى، حيث يصاب ثلاثة أرباع الأطفال بهذا المرض مرَّةً واحدة على الأقل قبل بلوغهم سنَّ الثالثة.إذا لم يُعالج التهابُ الأذن الوسطى، فإنَّه يمكن أن يؤدِّي إلى نقص سمع دائم. كما يمكن أن تنتقلَ العدوى من الأذن الوسطى إلى الدماغ.
يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم التهاب الأذن الوسطى وأسبابه وأعراضه وتشخيصه وخيارات معالجته. كما يتضمَّن نصائح للوقاية من التهاب الأذن الوسطى.
لمحة تشريحية عن الأذن
الأذنان عضوان شديدا التخصُّص، يمنحاننا القدرةَ على السمع والتوازن.وفي الأذن ثلاثةُ أقسام:
- الأذن الخارجية، تضمُّ الصيوان ومجرى السمع الذي يصل إلى غشاء الطبل.
- الأذن الوسطى التي تتألَّف من ثلاثة عظام صغيرة تُدعى العظيمات.
- الأذن الداخلية.
يتألَّفُ الصيوانُ من غُضْروف يغطِّيه الجلد. وعلى خلاف العظم، يمكن أن يستمرَّ نموُّ الغضروف مدى الحياة، وهذا ما يفسِّر أنَّ الأذن عند كبار السن أكبرُ منها عند صغار السنِّ.
يعمل الصيوانُ عملَ الطبق اللاقط، حيث يجمع الموجاتِ الصوتيَّة التي هي اهتزازات في الهواء.
تدخل الموجاتُ الصوتية عبر مجرى السمع، وتصل إلى غشاء الطبل، فيهتزُّ الغشاء وينقل الاهتزازَ إلى العظيمات السمعية الثلاث في الأذن الوسطى التي تنقل الاهتزازَ بدورها إلى الأذن الداخلية.
ثم تصل الاهتزازاتُ المرسلة إلى عضو خاصٍّ في الأذن الداخلية، يُعرَف باسم "الحلزون" أو "القوقعة"، والذي له شكل الحلزون، وتتحوَّل الاهتزازاتُ داخله إلى إشارات كهربائية.
ويحمل العصبُ، الذي يُدعى العصبَ الثامن، هذه الإشارات الكهربائية إلى الدماغ الذي يفسِّرها كأصوات.
هناك جزءٌ آخر من الأذن الداخلية، إضافة إلى العصب الثامن، مسؤول عن التوازن. ولهذا السبب، تتلازم في كثير من الحالات مشاكلُ نقص السمع مع مشاكل التوازن.
يساعد وجودُ أذنين لدى المرء على معرفة مصدر الصوت، ذلك أنَّ الموجات الصوتية تصل إلى الأذن الأقرب قبل وصولها إلى الأذن الأخرى. ويستطيع الدماغُ تحديدَ مصدر الصوت، حتَّى إذا كان الفارق أقلَّ من ثانية.
نفير أوستاش (أو النَّفير) هو ممرٌّ صغير يصل بين الأذن الوسطى والجزء العلوي من البلعوم.
يكون نفيرُ أوستاش مغلقاً في العادة، ولكنَّه يفتح بشكل دوري ليسمح بمرور الهواء إلى الأذن الوسطى، كما أنَّه يوازن الضغط على جانبي غشاء الطبل عندما يتغيَّر الضغطُّ الخارجي.
تفقد الأذنُ الوسطى تهويتَها إذا كان نفيرُ أوستاش مغلقاً بالمخاط أو بسبب ورم، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى تراكم السائل من النسيج الذي يبطِّن الأذن الوسطى.
إذا بقيَ نفيرُ أوستاش مغلقاً، يصعب نزحُ السائل، ويبدأ بالتجمُّع في الأذن الوسطى.
النَّاميات أو الزوائد اللحميَّة هي غددٌ خاصَّة تساعد على مقاومة العدوى، وتوجد في القسم العلوي الخلفي من البلعوم، قرب نفير أوستاش.
التهابُ الأذن الوسطى
التهابُ الأذن الوسطى هو عدوى في الأذن الوسطى. ورغم أنَّ هذا المرض يصيب الرضّع والأطفال، إلاَّ أنَّه يصيب البالغين أيضاً.يبدأ التهابُ الأذن الوسطى غالباً بعد عدوى تسبِّب ألماً في البلعوم أو زُكاماً أو أيَّة مشكلة تنفُّسية علوية تنتقل إلى الأذن الوسطى. ويمكن أن ينجم الالتهابُ عن فيروسات أو جراثيم.
تصل الجراثيمُ إلى الأذن الوسطى عبر النسيج الذي يبطِّن نفير أوستاش، فتسبِّب العدوى التي تؤدِّي إلى تورُّم الأذن الوسطى وانسداد نفير أوستاش.
تقاوم الكرياتُ البيض في الدم العدوى، فتُهاجم وتقتل الجراثيم، ويموت بعضها فيتشكَّل القيح في الأذن الوسطى. والقيحُ هو سائلٌ سميك أبيض مائل إلى الصُّفرة.
عندما يتجمَّع السائلُ في الأذن الوسطى، يمكن أن يشكو المريضُ من مشاكل في السمع، لأنَّ ذلك يؤثِّر في حركة غشاء الطبل والعُظَيمات السمعية.
مع تقدُّم المرض، يعاني الطفلُ المريض من آلام مبرِّحة. ويؤدِّي تزايدُ السائل في جوف الأذن الوسطى إلى الضغط الشديد على غشاء الطبل، ممَّا يقود إلى تَمزُّقه.
أسباب كثرة إصابة الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى
هناك ثلاثةُ أسباب تفسِّر كثرةَ إصابة الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى قياساً على الكبار:- يُعاني الأطفال من مشكلة في مقاومة العدوى، لأنَّ جهازهم المناعي لا يزال غير مكتمل؛ فالجهازُ المناعي مسؤولٌ عن مكافحة الجراثيم في الجسم.
- يكون نفيرُ أوستاش عند الطفل أقصرَ منه عند البالغ وأكثر استقامة. كما أنَّ النفير عند البالغ أكثر انحداراً، فيكون نُزحُه لما في داخله أفضلَ ممَّا هي الحال عند الأطفال.
- النامياتُ عند الأطفال أكبر ممَّا هي عند البالغين، وضخامة الناميات يمكن أن تضيِّق فتحة النفير. كما أنَّ الناميات عرضة للعدوى، وهذا ما يزيد من احتمال انتقالها إلى الأذن عبر نفير أوستاش.
مضاعفات التهاب الأذن الوسطى
لا يسبِّب التهابُ الأذن الوسطى ألماً حاداً فقط، بل يمكن أن يسبِّب نقصَ سمع دائماً أيضاً إذا أدَّى الالتهابُ وضغطُ السائل إلى تمزُّق غشاء الطبل.إذا لم يُعالج التهابُ الأذن الوسطى، يمكن أن ينتقلَ من الأذن الوسطى إلى الأجزاء المجاورة من الرأس، بما في ذلك الدماغ، مع ما لذلك من مضاعفات أشد خطورة.
يمكن أن يعاني الطفلُ الذي يتكرَّر لديه التهاب الأذن من نقص سمع في مرحلة هامَّة من حياته؛ فالطفلُ الذي لا يسمع جيِّداً لا يمكنه أن يتعلَّم الكلام ونطقَ الأصوات المختلفة، وقد يصبح مُعاقاً من حيث النطقُ أو اللغة.
أعراض التهاب الأذن الوسطى
أعراضُ التهاب الأذن الوسطى هي الألم في الأذن الوسطى ونقص السمع؛ كما يمكن أن يكون هناك سيلان من الأذن.من الصعب تحرِّي التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال بعمر ثلاث سنوات أو أقل غالباً؛ ففي هذا العمر، لا يمتلك الطفلُ المهارات اللغوية الكافية لشرح شكواه.
إذا كان لدى الطفل أيٌّ من العلامات التالية، فعلى الأبوين أن يشكَّا بالتهاب الأذن الوسطى، ويراجعا الطبيب في الحال.
ومن العلامات الأخرى في التهاب الأذن الوسطى:
تشخيص التهاب الأذن الوسطى
يمكن أن يشخِّص الطبيبُ التهابَ الأذن الوسطى بفحص الأذن بمنظار الأذن، حيث يصدر المنظارُ ضوءاً شديداً يمكِّن الطبيبَ من رؤية غشاء الطبل ومعرفة ما إذا كان هناك التهاب في الأذن.كما يمكن أن يستخدم الطبيبُ نوعاً آخر من المناظير أيضاً لمعرفة ما إذا كان هناك سائلٌ خلف غشاء الطبل، وهو المنظارُ الهوائي. وهذا المنظار ينفخ الهواءَ على غشاء الطبل، فإذا كان هناك سائلٌ خلف الغشاء، فإنَّ الغشاء لا يتحرَّك كما يتحرَّك الغشاءُ الذي لا يوجد سائل خلفه.
ويمكن أن يُجري الطبيبُ ما يُدعى اختبارَ المعاوقة السمعيَّة للمريض، حيث يدخل سدادة صغيرة قصيرة في مجرى السمع لتغيير ضغط الهواء في المجرى وقياس وظائف الأذن الوسطى.
ولمعرفة ما إذا كان المريضُ يعاني من أيِّ نقص سمع، يمكن إجراء تخطيط سمع. واختصاصيُّ السمع هو من يجري الاختبارات السمعيَّة عادة.
علاج التهاب الأذن الوسطى
ينصح الكثيرُ من الأطبَّاء بإعطاء المضادَّات الحيوية لمعالجة التهاب الأذن الوسطى. والمضادَّاتُ الحيوية هي أدويةٌ قاتلة للجراثيم، حيث يمكن أن يحتاجَ الطبيبُ إلى إعطاء عدَّة مضادَّات مختلفة، لأنَّ بعض الجراثيم تكون مقاومة لبعض المضادَّات.تؤكِّد التوصياتُ الحالية الصادرة عن معظم الأكاديميات الطبية وطب الأطفال، على ضَرورة معالجة كلِّ الأطفال دون السنتين من العمر ومعالجة الأطفال الأكبر سناً إذا كانت أعراضُهم شديدة؛ أمَّا إذا كانت أعراضُهم خفيفة، فتكفي المتابعةُ لمراقبة عدم تزايد شدَّة الأعراض دون إعطاء المضادَّات الحيوية.
يمكن أن تسبِّب المُضادَّات الحيويَّة آثاراً جانبية غير مرغوبة أيضاً، مثل الغثيان والإسهال والطفح الجلدي. لذلك يجب أن يُسأل الطبيب عن الآثار الجانبية المحتملة للمضادِّ الحيوي.
إذا كان الطفلُ يُعاني من الألم، يمكن أن يُعطى مسكِّناً للألم. ومن المهمِّ جداً الالتزام بتعلميات الطبيب؛ فعندما يتمُّ البدءُ بتناول المضادِّ الحيوي، يجب الاستمرارُ به طوالَ المدَّة التي يحدِّدها الطبيب.
يطلب معظمُ الأطبَّاء أن يراجعهم الطفلُ للتأكُّد من شفاء الالتهاب.
بعد أن يشفى الالتهابُ، يمكن أن يبقى السائلُ في الأذن الوسطى لعدَّة أشهر، وهذا السائلُ يختفي في غضون 3-6 أسابيع إذا لم تغزوه الجراثيم. ويمكن أن تساعدَ المُضادَّاتُ الحيويَّة أحياناً على تصريف هذا السائل بسرعة.
إذا بقيَ السائلُ في الأذن الوسطى لأكثر من ثلاثة أشهر، وترافق مع نقص في السمع، يوصي الكثيرُ من الأطبَّاء بوضع أنابيب تهوية في الأذن المصابة؛ وهذه العمليةُ تُسمَّى خزع غشاء الطبل.
من يقوم بعملية خزع غشاء الطبل هو طبيبُ الأذنية، وهو طبيبٌ متخصِّص بأمراض الأذن والأنف والحنجرة. ويعود الطفلُ إلى بيته في اليوم نفسه الذي يخضع فيه للعملية.
يقوم الطبيبُ، تحت التخدير العام، بإجراء شقٍّ في غشاء الطبل عند الطفل؛ ثم يضع في الشقِّ أنبوبُ تهوية يساعد على تهوية الأذن والحفاظ على توازن الضغط على جانبي غشاء الطبل.
يبقى الأنبوبُ في غشاء الطبل من ستَّة إلى اثني عشر شهراً عادة، ثمَّ يخرج بعدها تلقائياً.
إذا كان لدى الطفل نامياتٌ أو زوائد لحميَّة ضخمة أو ملتهبة، يمكن أن ينصح الطبيبُ بإجراء عملية تجريف للناميات في الوقت نفسه الذي يضع فيه أنابيبَ التهوية.
لقد تبيَّنَ أنَّ تجريفَ الناميات يقلِّل من التهاب الأذن الوسطى عند بعض الأطفال، إذا كان الطفلُ قد تجاوز الرابعة من العمر. وهذه العمليَّةُ تُسمَّى استئصال الناميات (تجريف الناميات).
لا يقلِّل استئصالُ اللوزتين من حدوث التهاب الأذن الوسطى لدى الطفل؛ ولكنَّ استئصالَ اللوزتين والناميات يمكن أن يكونَ علاجاً لحالات أخرى غير تصريف سائل الأذن الوسطى.
يمكن استعادةُ السمع بالكامل بعد إزالة السائل من الأذن الوسطى. ولكن، هناك أطفالٌ يحتاجون إلى تكرار العملية إذا عادَ التهابُ الأذن الوسطى بعد خروج أنابيب التهوية.
عندما يكون الأنبوبُ في غشاء الطبل، يجب حماية الأذن من الماء. ويوصي الكثيرُ من الأطبَّاء بأن يضعَ الطفلُ الذي تمَّ وضعُ أنابيب تهوية له سداداتٍ خاصَّة على أذنيه خلال السباحة والاستحمام، لكي لا يدخل الماءُ إلى الأذن الوسطى.
الوقاية من التهاب الأذن الوسطى
يوجد العديدُ من الأمراض المُعْدية التي يمكن أن تسبِّب التهابَ الأذن الوسطى؛ فالطفلُ الذي لديه الاستعداد للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى يجب أن يتجنَّب التماسَ مع أقرانه المرضى بأمراض مُعْدية.يكون الأطفالُ الذين يعيشون مع مدخِّنين أكثرَ عرضة للإصابة من الأطفال الذين يعيشون في بيئةٍ خالية من دخان السجائر؛ فالطفلُ الذي لديه استعدادٌ للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى يجب ألاَّ يوجد في أماكن فيها دخان سجائر.
يكون الرضَّعُ الذين يشربون الحليب من الزجاجة، وهم مضطَّجعون، أكثرَ عُرضة للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى ممَّن يشربون الحليب بالإرضاع الطبيعي.
لقد بيِّنت البحوثُ أنَّ أدوية الزُّكام والتحسُّس، مثل مضادَّات الهيستامين ومضادَّات الاحتقان، لا تفيد في الوقاية من التهاب الأذن الوسطى.
الخُلاصة
التهابُ الأذن الوسطى مرضٌ واسع الانتشار، يصيب الأطفالَ بشكل رئيسي؛ ويُعالج بالمُضادَّات الحيويَّة عادة. وفي بعض الأحيان، يحتاج الأمرُ إلى مداخلة جراحيَّة بسيطَة.من المهمِّ معرفةُ أعراض التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال قبل أن يسبِّب الالتهابُ ضرراً خطيراً على سمع الطفل؛ فإذا تأثَّر سمعُ الطفل، فإنَّه قد يعاني من مشاكل لغوية.
من المهمِّ بعد المعالجة مراجعةُ الطبيب للتأكُّد من زوال الالتهاب.
بفضل التقدُّم الطبي، يمكن تشخيصُ التهاب الأذن الوسطى ومعالجته بسهولة، وهذا يمكِّن الأطفالَ من تطوير مهاراتهم السمعية واللغوية بشكل طبيعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق