تلقيح الأطفال أمراض الأطفال والمراهقين
يتلقَّى الأطفالُ على نحوٍ منتظم لُقاحاتٍ تحميهم من أكثر من عشرة أمراض، من بينها الحَصبَةُ وشلل الأطفال والكُزاز. وقد جرى حتَّى الآن خَفضُ مستوى الإصابة بمعظم هذه الأمراض إلى أدنى درجة عرفها التاريخ، وذلك بفضل سنواتٍ من حملات اللُّقاح لتَمنيع الأطفال. يجب أن يتلقَّى الطفلُ عدداً من اللُّقاحات على الأقل قبلَ دخول المدرسة. وهذه اللُّقاحاتُ تُحَصِّنُه من عدد من الأمراض الخطيرة قبل أن يمرضَ بها فعلاً. أمَّا من غير اللُّقاح، فلابدَّ من الإصابة بالمرض الفعلي حتَّى يحصلَ الإنسان على المناعة تجاه الجراثيم التي سبَّبت ذلك المرض. ويكون عملُ اللُّقاح أفضلَ إذا أُعطي في عُمر مُحدَّد؛ فمثلاً، لا يُعطى الأطفالُ لُقاحَ الحَصبَة قبلَ أن يُكمِلوا سنتَهم الأولى من العُمر على الأقل. أمَّا إذا أُعطيَ هذا اللُّقاحُ في وقت أبكر من ذلك، فقد لا يكون له مفعولٌ جيِّد. ومع أنَّ هناك لُقاحات يتلقَّاها المرءُ في الطفولة فتحميه سنواتٍ طويلة، إلاَّ أنَّ البالغين يحتاجون إلى تَمنيع أيضاً.
مقدِّمة
يجري تَمنيعُ الأطفال بواسطة لُقاحات يتلقَّاها الطفلُ في مواعيدَ منتظِمة. وهذه اللُّقاحاتُ تحمي الطفلَ من أكثر من عشرة أمراض، من بينها الحَصبةُ وشِلل الأطفال والكُزاز. جرى حتَّى الآن خَفضُ مستوى الإصابة بمعظم هذه الأمراض إلى أدنى درجة عرفها التاريخ، وذلك بفضل سنواتٍ من حملات اللُّقاح لتَمنيع الأطفال. يجب أن يتلقَّى الطفلُ عدداً من اللُّقاحات على الأقل قبلَ دخول المدرسة. يتحدَّث هذا البرنامجُ عن تَمنيع الأطفال، ويشرح معنى كلمة لُقاح وحاجة الطفل إليه، ويتحدَّث عن مواعيد إعطاء اللُّقاحات المختلفة. كما يتناول أيضاً المخاطرَ والمُضاعفات المحتملة ذات الصِّلة باللقاحات.
اللُّقاحات
اللُّقاحُ مادَّةٌ تقي الإنسان من الإصابة بالمرض. وهذه المادَّةُ مُكوَّنةٌ من جراثيم المَرَض الميِّتة أو المُضعَفَة. تُدعى أعضاءُ الجسم المسؤولة عن مقاومة الجراثيم وتَذكُّرِها باسم جهاز المناعة. ومن غير هذا الجهاز، يُمكن أن يكونَ أيُّ مرضٍ بسيط، كالزُّكام مثلاً، مرضاً قاتلاً. يستفيد اللقاحُ من قُدرة الجسم الطبيعية على مقاومة الجراثيم، أي أنَّ اللُّقاحَ يقوم بتعليم جهاز المناعة كيفية مقاومة كثير من الجراثيم المُسبِّبة للأمراض التي يُمكن أن تُهاجِمَ الجسم. يعمل اللُّقاحُ على النحو التالي:
- يجري حَقنُ جراثيم ميِّتة أو مُضعفة في داخل الجسم.
- يستجيب الجسمُ من خلال تصنيع الأضداد لمقاومة الجراثيم التي غَزَته.
- إذا هاجمت جراثيمُ المرض الحقيقية الجسمَ ذات يوم، فإنَّ الأضدادَ تكون موجودةً في الجسم للتَّصَدِّي لها.
يمكن القول باختصار إنَّ اللُّقاحَ يخدع جهازَ المناعة حتَّى يُعلِّم الجسمَ كيف يَهزِم أعداءه. وهكذا لا يعود الجسمُ في حاجة إلى أن يمرضَ فعلاً حتى يتَعَرَّف جهازَه المناعي إلى المرض، ويُصبح مُمَنَّعاً ضِدَّه.
تَمنيعُ الأطفال
يُساعد التَمنيعُ الجسمَ على أن يُصبحَ قادراً على مقاومة بعض الأمراض. وهناك لُقاحاتٌ كثيرة تُعطى للأطفال للوقاية من انتشار أمراضٍ كانت شائِعةً في الماضي. كما أنَّ هناك الكثير من هذه الأمراض التي يُمكن أن تُسبِّبَ المرضَ الشديد أو الموت. يجب أن يتلقَّى الجسمُ لُقاحاً حتَّى يكتسبَ مناعةً من بعض الأمراض. وإذا لم يتَلَقَّ اللُّقاح، فمن الممكن أن يكتسبَ المناعةَ من أحد الأمراض إذا أصابه ذلك المرض فعلاً. لكن هناك أمراض خطيرة على الحياة. تعمل اللُّقاحاتُ على نحو أفضل عندما تُعطى في أعمار محدَّدة. وتُعرَفُ عملية إعطاء اللُّقاحات للأطفال عادةً باسم تَمنيع الأطفال. هناك عشرةُ برامج لُقاح تُعطى للطفل لتحميه من الأمراض. ونستعرض فيما يلي تلك اللُّقاحات العشرة التي يجب أن يأخُذَها الطفل. يحمي اللُّقاحُ الثُلاثي DTaP الطفلَ من العدوى الجرثوميَّة بثلاثة أمراضٍ هي الخُناق (دفتيريا) والكُزاز والشَّاهوق (السُّعال الدّيكي). يُسبِّب الخُناق التهاباً في الحَلق وتورُّماً في الغُدد ونوبات من الحُمَّى والقشعريرة. أمَّا الكُزاز فيُسبِّب تَصَلُّباً مؤلماً للعضلات. ويمكن أن يكونَ هذا التصَلُّبُ قاتلاً. يُعرَف الشاهوقُ باسم السُّعال الدّيكي أيضاً؛ وهو يُسبِّب سُعالاً عنيفاً لا يستطيع المريض السيطرة عليه. إنَّ لُقاح الحَصبة والنُّكاف والحُمَيراء MMR يحمي الطفلَ من الإصابة بفيروسات هذه الأمراض الثلاثة. تُسبِّب الحَصبةُ طَفَحاً جلدياً حاكَّاً. أمَّا النُّكاف فيسبِّب تورُّماً وانتفاخاً شديداً في الغُدد اللُعابيَّة. وتسبِّب الحُميراء (أو الحَصبة الألمانية) أعراضاً تُشبه الأنفلونزا، يتبعها طَفحٌ جِلدي. يحمي لُقاحُ التهاب الكبِد أ HepA من هذا المرض الفيروسي الذي يُسبِّب التهاباً في الكَبِد وأعراضاً تُشبِه الأنفلونزا. يحمي لُقاحُ التهاب الكَبِد ب HepB من هذا المرض الفيروسي الذي يُسبِّب أعراضاً تُشبه الأنفلونزا، لكنَّه يُمكن أن يُسبِّب تنَدُّباً في الكَبِد أيضاً إذا لم يُعالَج. وقد يؤدِّي إلى فَشَلٍ كُبدي أو إلى سرطان كَبدي. يحمي لُقاحُ المُستَدميَة النَّزليَّة ب (Hib) الطفلَ من هذه العدوى الجرثومية التي يُمكن أن تُسبِّب انتفاخاً وتورُّماً في الأنسجة التي تُغَلِّف الدِّماغَ والحبل الشَّوكي، أو تورُّماً في لِسان المِزمار. يحمي لُقاحُ الأنفلونزا من هذه العدوى الفيروسية. لكنَّ المناعةَ التي يمنحُها هذا اللُّقاح لا تدوم إلاَّ سنةً واحدة. يحمي لُقاحُ المُكَوَّرات الرِّئَوية (PCV13) الطفلَ من المرض الذي تسبِّبه هذه العدوى الجرثوميَّة، ويؤدِّي إلى عدوى في الأذن والتهاب في الجيوب والرئة وإلى الإنتان والتهاب السَّحايا. يحمي لقاحُ شلل الأطفال من الإصابة بهذا المرض الفيروسي. يُهاجم شَللُ الأطفال الجهازَ العَصَبي، وقد يُسبِّب الشَّلل في بعض الحالات النادرة. يحمي لُقاحُ الفَيروسة العَجَليَّة (RV) الطفلَ من الإصابة بهذه الفيروسة التي تُسَبِّب الإسهالَ لدى الرُّضَّع والأطفال الصغار. كما يُمكن أن تُسبِّبَ التقيُّؤ والحُمَّى والجفاف. يحمي لُقاحُ الحُماق (الجديري المائي) الطفلَ من الإصابة بالفيروس المُسَبِّب لمرض الحُماق الذي يؤدِّي إلى ظهور طَفح حاكٍّ ونَفطات وحُمَّى وصُداع. هناك كثيرٌ من اللُّقاحات التي يأخذها الأطفال توفِّر لهم الحمايةَ لسنوات طويلة. لكن البالغين يحتاجون إلى التَمنيع أيضاً.
لماذا التَمنيع؟
ما أن يُصبحَ الجهازُ المناعي مُدَرَّباً على مقاومة مرضٍ من الأمراض حتَّى يُصبحَ الشخصُ مُمَنَّعاً ضد هذا المرض. أمَّا قبل ظهور اللُّقاحات، فقد كانت الإصابةُ بالمرض هي السبيل الوحيد لاكتساب المناعة ضِدَّه. تعدُّ اللُّقاحاتُ طريقةً سهلة قليلة المخاطر لاكتساب المناعة ضد أمراضٍ معيَّنة. ويستطيع اللُّقاحُ منعَ الإصابة بالمرض في المقام الأوَّل. السَّببُ الآخر للتَمنيع هو الوقاية من انتشار الأمراض؛ فخلال مراحل مُعيَّنة من المرض، يكون المريضُ مُعدياً، فينقل المرضَ إلى الأشخاص الآخرين الذين يتواصل معهم. لا يحمي اللُّقاحُ الشَّخصَ الذي يأخذه فقط، بل يحمي الأشخاصَ المُحيطين به أيضاً. وعندَ أخذ اللُّقاح، يُصبِح الجهازُ المناعي في الجسم قادراً على إيقاف المرض قبل بدئِه. وهذا يعني أيضاً أنَّ الفترة التي يُمكن أن يكونَ خلالها الشَّخصُ المعني مُعدياً للآخرين تُصبح فترةً قصيرة جداً أو معدومةً تماماً. يحمي اللُّقاحُ المجتمعَ كلَّه، وليس الأشخاص الذين يأخذون اللُّقاح فقط. وهذا سببُ الأهمِّية الكُبرى للقاحات بالنسبة للصِّحة العامَّة من حيث تحقيقُ هَدف منع انتشار الأمراض.
مخاطرُ اللُّقاح وآثاره الجانبيَّة
اللُّقاحاتُ آمنةٌ في الأحوال العادية. لكن، وبما أنَّها مصنوعةٌ من جراثيم أو فيروسات ميِّتة أو مُضعَفَة، فمن الممكن أن تُسبِّبَ بعضَ الآثار الجانبية. يندُر أن تكونَ الآثارُ الجانبية لأيِّ لُقاح سبباً في ظهور مُشكلات صحِّية خطيرة. ومن الآثار الجانبية المُعتادة:
- الدَّوخَة.
- التَّعَب.
- الحُمَّى.
- نقص الشَّهيَّة.
- الانتفاخ والإيلام في مكان حُقنة اللُّقاح.
- صُداع عابِر.
لا يحمل اللُّقاحُ إلاَّ مخاطرة بسيطة جداً بظهور آثار جانبية خطيرة. ومن تلك الآثار الجانبية الخطيرة الممكنة:
- آثار جانبية عصَبيَّة، كظهور نوبات مثلاً.
- رد فعل تَحَسُّسي حاد.
تنجح اللُّقاحاتُ في وقاية الأطفال من أمراض كثيرة. وقد كاد كثيرٌ من هذه الأمراض يختفي تماماً بسبب اللُّقاحات. إن فوائد التَمنيع بواسِطة اللُّقاحات تفوق كثيراً تلك المخاطِرَ البسيطة لآثارِها الجانبية المحتملة. يُمكن الحديثُ مع الجهات التي تتولَّى توفيرَ الرعاية الصحِّية في حال وجود أيَّة استفسارات تتعلَّق باللُّقاحات وبآثارها الجانبية المُحتملة.
الخلاصة
يتلقَّى الأطفالُ على نحوٍ منتظم لُقاحاتٍ تحميهم من أكثر من عشرة أمراض. وتوفِّر هذه اللُّقاحاتُ للطفل حمايةً تمتَدُّ سنواتٍ كثيرة. وقد أمكن حتَّى الآن خَفضُ مستوى الإصابة بمعظم هذه الأمراض إلى أدنى درجة عرفها التاريخ، وذلك بفضل سنواتٍ من حملات اللُّقاح لتَمنيع الأطفال. تُصنَّع اللُّقاحاتُ من جراثيم أو مِكروبات ميِّتة أو مُضعَفَة. وهي تُساعد على تَمنيع الجسم ضدَّ أمراض خطيرة من غير الإصابة بهذه الأمراض فعلياً. أمَّا من غير اللُّقاح، فلابدَّ من الإصابة بالمرض حتى يكتسب الجسم مناعةً ضد الجرثومة التي تُسبِّبه. تكون اللُّقاحاتُ آمنةً في الأحوال العادية. لكن من الممكن أن تُسبِّب آثاراً جانبية. ومن النادر أن تُسبِّبَ هذه الآثارُ الجانبية مشكلاتٍ صحِّيةً خطيرة. إن فوائد التَمنيع بواسِطة اللُّقاحات تفوق كثيراً تلك المخاطِرَ البسيطة لآثارِها الجانبية المحتملة. يكون عملُ اللُّقاح أفضلَ إذا أُعطي في عُمر مُحدَّد. ومن المفيد أن يجري الاستفسارُ من الجهات التي توفِّر الرعايةَ الصحية عن جدول المواعيد الزمنية لإعطاء اللُّقاحات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق