دوار الحَرَكَة أمراض الأنف والأذن والحنجرة
يُعدُّ دوارُ السفر أو داء الحركة مشكلةٌ شائعة لدى الأشخاص الذين يسافرون بالسيارة أو القطار أو الطائرة، وبالسفن خاصة. من الممكن أن يبدأ داء الحركة على نحو مفاجئ، مع شعور بالانزعاج وتعرُّق بارد. كما يمكن بعد ذلك أن يؤدي إلى الدوار وإلى الغثيان والتقيؤ. يشعر الدماغُ بالحركة من خلال الإشارات التي يتلقاها من الأذن الداخلية والعينين والعضلات والمفاصل. وعندما يتلقَّى الدماغ إشارات غير متطابقة، فإن الإنسان يمكن أن يصاب بداء الحركة. عندما يكون الإنسان جالساً في داخل السفينة مثلاً، فإن الأذن الداخلية تشعر بالحركة، في حين أنَّ العينين لا تشاهدان أي شيء يتحرك. إن مكان جلوس المسافر يمارس دوراً في هذا. وهو يشعر براحة أكبر عندما يجلس في المقعد الأمامي للسيارة أو في العربات الأولى للقطار أو في السطح العلوي في السفينة أو عند النافذة في الطائرة؛ وهذا لأن النظر إلى البعيد بدلاً من محاولة القراءة، أو النظر إلى شيء ما موجود داخل وسيلة النقل، يمكن أن يكون مفيداً من أجل عدم الإحساس بداء الحركة.
مقدِّمة
داءُ الحركة مشكلة شائعة لدى المسافرين. ومن الممكن أن يؤدي هذا الداء إلى الدوار والتقيؤ. كما يمكن أن يسبب شعوراً بالدوخة وعرقاً بارداً. يشعر معظمُ الناس بداء الحركة مرة في حياتهم على الأقل. ومن الممكن أن يصابَ الإنسان بهذا الداء عندما ينتقل بالسيارة أو القطار أو الطائرة. لكنه غالباً ما يصيب الأشخاص عندما ينتقلون بواسطة القارب أو السفينة. يتناول هذا البرنامجُ التثقيفي أعراضَ داء الحركة وأسبابه. كما أنه يتحدث عن معالجته والوقاية منه.
الحركة والجسم
يتناول هذا القسم كيفية إحساس الجسم بالحركة و كيفية ترجمتها. كما أنه يساعد في فهم داء الحركة أيضاً. هناك أجزاء كثيرة من الجسم تساعد في إدراك الحركة، ومنها:
- الأذنان الداخليتان.
- العينان.
- الجلد.
- العضلات والمفاصل.
هناك سائل موجود في الأذنين، يساعد على الشعور بالحركة. وهناك قنوات صغيرة في الأذنين الداخليتين مليئة بهذا السائل. عندما يتحرك الإنسان في أي اتجاه، فإنَّ السائلَ الموجود في الأذنين الداخليتين يتحرك. يترجم الدماغ حركة السائل هذه. وهكذا يعرف المرء ما إذا كان في حالة حركة، وفي أي اتجاه يتحرك. تساعد العينان الجسم على فهم الحركة وإدراكها، حيث تسمحان برؤية ما إذا كان الجسم يتحرك. كما أنهما تساعدان على رؤية اتجاه الحركة أيضاً. كما يساعد سطحُ الجلد أيضاً في الإحساس بالحركة. هناك مُستَقبِلات صغيرة موجودة على سطح الجلد. وهي تُخبِر الدماغ أي جزء من الجسم قد لمس الأرض. هناك أيضاً مُستقبِلات موجودة في داخل الجسم. وهي موجودة في العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى الجلد. وهذه المُستقبِلات تُخبر الدماغ عما إذا كان الجسمُ يقوم بتحريك العضلات. وهي تبعث برسائل إلى الدماغ عن وضعية الجسم. يحدث داءُ الحركة عندما تبعث أجزاء الجسم المختلفة رسائل غير متطابقة إلى الدماغ. إن مختلف أجزاء الجسم تبعث برسائلها إلى الدماغ. وعندما يقول أحدُ أجزاء الجسم إن الجسم يتحرك، ويقول جزء آخر إنه لا يتحرك، فإنَّ الدماغ يصاب بتشوُّش. على سبيل المثال، عندما يركب المرء القطار الموجود في مدينة الملاهي، فإن ذلك يمكن أن يصيبه بداء الحركة. من الممكن أن تُخبر الأذن الداخلية الدماغ بأنَّ الجسم يتحرك إلى الأمام وإلى الأعلى أو الأسفل أو إلى هذا الجانب أو ذاك. لكن الجلد يخبر الدماغ بأن الجسم جالس، وأنه ثابت في مقعده.
الأسباب
يحدث داءُ الحركة أو دوار السفر بسبب الحركة. لكنه ينتج أيضاً بسبب الدماغ وأجزاء الجسم المختلفة التي تشعر بالحركة. يستخدم الدماغ المعلومات التي تصله من مختلف أجزاء الجسم من أجل تشكيل صورة كاملة للوضع. ويحدث داءُ الحركة عندما يكون هناك جزء مفقود من الصورة أو مشوش. يحدث هذا غالباً خلال السفر. فلنفكِّر في ركوب السفينة على سبيل المثال. إن العينين والأذنين الداخليتين تقرآن الحركة بطريقتين مختلفتين. ترى العينان حركة الأمواج صعوداً وهبوطاً؛ لكنَّ السائلَ الموجود في الأذنين الداخليتين يشعر بالحركة من جانب لآخر. يُصاب بعضُ الأشخاص بالدوار عند القراءة خلال ركوب السيارة. ويحدث هذا لأنَّ الأذنين الداخليتين والمُستقبِلات الموجودة في الجلد تخبر الدماغ بأن الجسم يتحرك إلى الأمام. لكن العينين تنظران إلى الكتاب الذي لا يتحرك. كما أنَّ العضلات في هذه الحالة تخبر الدماغ بأن الجسم يجلس ساكناً في مكانه.
الأعراض
إنَّ العرضَ الأكثر شيوعاً لداء الحركة هو الغثيان، أو الشعور بالانزعاج في المعدة. وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى التقيُّؤ. من الأعراض الشائعة الأخرى لداء الحركة ما يلي:
- ألم بطني.
- دوخة، وهي تدعى باسم "دوار".
- الإحساس بتعب شديد.
من الممكن أيضاً أن يؤدِّي داء الحركة إلى شعور عام بالانزعاج. وهناك أشخاص يشعرون في البداية بقدر قليل من الانزعاج. ومع تطوُّر الحالة، فإن وجوههم تصبح شاحبة. كما يمكن أن يصابوا بتعرق بارد. في الحالات الشديدة، من الممكن أن يصاب بعض الأشخاص بفرط التهوية. وهذا يعني أنَّ تنفُّسَهم يصبح سريعاً وعميقاً. ومن الممكن أيضاً أن يؤدي هذا إلى الإغماء، أو إلى إحساس الشخص بأنه موشك على الإغماء.
عواملُ الخطورة
يُصاب معظمُ الأشخاص بداء الحركة في وقت ما من أوقات حياتهم. لكن هناك مجموعات من الناس تعدُّ معرَّضة لخطر أكبر من حيث الإصابةُ بهذه الحالة. لا يعني هذا أن كل شخص تتوفر لديه عوامل الخطورة سوف يصاب بداء الحركة. وهناك أيضاً أشخاص ليست لديهم عوامل خطورة، لكنَّهم يُصابون بداء الحركة رغم ذلك. من المرجَّح كثيراً أن يصاب الأطفال بين سنتين واثنتي عشرة سنة بداء الحركة. وأمَّا الأطفالُ الأصغر من ذلك، والرضع أيضاً، فنادراً ما يُصابون به. تُصاب النساءُ بداء الحركة أكثر من الرجال، وخاصة في الحالات التالية:
- الحمل.
- دورة الطمث.
- تناول مكمِّلات هرمونية.
إنَّ الأشخاصَ الذين يُصابون بصداع الشقيقة معرضون أكثر من غيرهم لاحتمال الإصابة بداء الحركة خلال نوبة الشقيقة. كما أن العكس صحيح أيضاً. إنَّ الأشخاص الذين يصابون بالشقيقة عادة يكونون مؤهلين للإصابة بنوبة الشقيقة عندما يظهر لديهم داء الحركة. إذا اعتقد المرءُ أنه سوف يصاب بداء الحركة، فمن المرجَّح أن تظهر لديه أعراض هذا الداء فعلاً.
التشخيص
يطرح الطبيبُ في البداية أسئلة عن التاريخ الطبي والأعراض. كما يجري فحصاً جسدياً للمريض. وهذا يساعد الطبيب على معرفة ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن داء الحركة أو عن شيء آخر. يجري تشخيصُ داء الحركة اعتماداً على ما يلي:
- وصف الأعراض.
- نوع النشاط الذي كان يقوم به المريض عندما ظهرت الأعراض.
على المريض أن يخبر طبيبَه عن النشاطات التي سببت إحساسه بأعراض داء الحركة. وهذا ما يمكن أن يشتمل على الانتقال بالسيارة أو بالقارب أو الذهاب إلى مدينة الملاهي.
المعالجة
قد يكون المرءُ قادراً على وقاية ونفسه من أعراض داء الحركة عن طريق تناول بعض الأدوية قبل ممارسة النشاط الذي يسبب هذا الداء. تعدُّ مضادات الهيستامين (مضادات الحساسية) من بين أكثر الأدوية شيوعاً في هذا الحالة. وتُستخدم هذه الأدويةُ عادة لمعالجة الأشخاص المصابين بالحساسية (الأرجية). هناك مضادات هيستامين كثيرة تمارس دور المهدئات وهذا يعني أنها يمكن أن تجعل المرء يشعر بشيء من النعاس. لكن هناك مضادات هيستامين غير مهدئة، علماً أن هذا النوع من مضادات الهيستامين أقل فعالية في معالجة داء الحركة. من الممكن أن يقترح الطبيبُ على المريض أن يتناول فيتامين B6 إلى جانب تناوله مضادات الهيستامين. وهذا الفيتامين متوفِّر على شكل أقراص دوائية. يمكن أن يؤدِّي نقصُ فيتامين B6 في الجسم إلى الإحساس بالغثيان. هناك أدوية أخرى تستخدم لمعالجة داء الحركة. وهي:
- مضاد التقيؤ (Dramamine®).
- سكوبولامين (Transderm Scop®).
على المريض أن يستشيرَ طبيبه من أجل معرفة المزيد عن الأدوية المستخدمة لمعالجة داء الحركة. إن لكل دواء بعض المخاطر والفوائد. وقد يكون المريض في حاجة إلى تجربة الدواء أولاً ليعرف إن كان مفيداً له. هناك بعضُ الأدوية التي تباع بموجب وصفة طبية لكنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الإحساس بالغثيان. يجب سؤال الطبيب للتأكد من أن الدواء الذي يصفه للمريض لا يؤدي إلى ذلك. من الممكن أن تشتمل المعالجةُ أيضاً على "المعالجة بالتعرض". ويعتقد بعضُ من يوفِّرون هذه المعالجة أنَّ التعرُّضَ للحركة التي تسبب داء الحركة يمكن أن يخفف من الأعراض. لا يرغب معظمُ الناس في الشعور بالانزعاج والغثيان، ولا يحبون اختيار هذا النوع من المعالجة. ويفضل معظم المرضى تلقِّي المعالجة الدوائية.
الوقاية
هناك أشياء يستطيع المرء القيام بها من أجل معالجة وأ,أأو التحكم بداء الحركة. ويجب الاستعدادُ لداء الحركة من خلال معرفة الوضع الذي يسبب ظهور الأعراض. هناك طريقةٌ أخرى من أجل الوقاية من داء الحركة. وهي متعلقة بمكان جلوس المرء أو وقوفه. وعلى سبيل المثال، إذا أصيب الإنسان بداء الحركة عند جلوسه في مقعد السيارة الخلفي أو في المقاعد الخلفية في الحافلة أو القارب، فمن الممكن أن يجلسَ في مقعد أمامي بدلاً من ذلك. وإذا كان لا يستطيع الجلوس في مقعد أمامي، فإنَّ عليه محاولة إبقاء رأسه ساكناً، وذلك بأن يسنده على ظهر المقعد الذي أمامه. من الممكن أن يحاولَ المرء أيضاً جعلَ وجهه في اتجاه الأمام في أثناء الانتقال أو السفر. وهذا ما قد يساعده في التطابق بين الرسائل التي تنقلها العينان والأذنان إلى الدماغ بحيث تكون متماثلة. يجد بعضُ الناس أنَّ النظرَ إلى أشياء بعيدة يمكن أن يكون مفيداً. إن النظر من نافذة الطائرة خلال الطيران على سبيل المثال يمكن أن يساعد الدماغ على إدراك الحركة. وأما عند الوجود في قارب أو سفينة، فإن النظر إلى مكان التقاء الماء بالسماء، أي إلى الأفق، يمكن أن يكون مفيداً أيضاً. يعمد بعضُ الأشخاص إلى الأكل قبل السفر أو الانتقال من أجل الوقاية من داء الحركة. وقد يجد أشخاصٌ آخرون أنَّ الأكلَ يجعل حالتهم أسوأ. على هؤلاء الأشخاص عدم تناول أطعمة دسمة أو كثيرة التوابل قبل السفر. كما يجب الامتناعُ عن الإفراط في الطعام قبل السفر. إذا بدأ الإنسانُ يشعر بداء الحركة، فإن تناول بعض المقرمشات أو تناول مشروب غازي يمكن أن يكون مفيداً. وهذا ما يعمد إليه الناس غالباً لتهدئة المعدة خلال الشعور بأعراض داء الحركة. يجب محاولةُ تجنُّب التدخين. كما يجب عدم الجلوس إلى جانب أشخاص مدخنين عند الشعور بداء الحركة. إنَّ رائحةَ الدخان يمكن أن تثير شعوراً بالغثيان في هذه الحالة. من الممكن أيضاً أن يحاولَ المرء تقليل مدخلات الأحاسيس. وهذا يعني التقليل من المشاهد والأصوات والروائح المحيطة به. ويمكن لهذه الغاية أن يضعَ المرءُ سدادات الأذنين من أجل حجب الأصوات، كما يمكن أن يستلقي على ظهره من أجل الحد من الحركة، وذلك بالإضافة إلى النظر صوب الأفق أو إغلاق العينين. يشعر بعضُ الأشخاص بالراحة من الأعراض عن طريق استخدام معطرات الجو. ويبدو أنَّ روائح النعنع والخزامى تفيد في ذلك. إنَّ الزنجبيلَ نوعٌ من التوابل يستخدمه الناس علاجاً منزلياً من أجل داء الحركة. كما أنَّ مصَ بعض أنواع السكاكر التي تستخدم في حالة السعال يمكن أن يفيد أيضاً.
الخلاصة
داءُ الحركة أو دوار السفر مشكلةٌ شائعة لدى الأشخاص الذين ينتقلون عن طريق السيارة أو القطار أو الطائرة، أو القوارب خاصة. ومن الممكن أن يبدأ داءُ الحركة على نحو مفاجئ مع إحساس بالانزعاج وتعرق بارد؛ ثم يمكن أن يصاب المرء بالدوخة والغثيان والتقيؤ. يشعر الدماغُ بالحركة عن طريق تلقي الرسائل الواردة من الأذنين الداخليتين والعينين والعضلات والمفاصل. وعندما يتلقى دماغ المرء رسائل غير متطابقة، فإنَّه يُصاب بداء الحركة. وعلى سبيل المثال، فعندما يجلس شخص في قعر القارب، نجد أنَّ الأذنين الداخليتين تشعران بالحركة، لكن العينين لا تريان أي حركة. إن العرضَ الأكثر شيوعاً لداء الحركة هو الغثيان، أو الإحساس بانزعاج في المعدة. وهذا ما يمكن أن يؤدِّي إلى التقيؤ. هناك أعراض أخرى شائعة لداء الحركة، ومن بينها:
- ألم بطني.
- دوخة، وهي تدعى باسم "دوار".
- تعب شديد.
يجري تشخيصُ داء الحركة اعتماداً على ما يلي:
- وصف الأعراض.
- نوع النشاط الذي كان يقوم به المرءُ عندما ظهرت الأعراض.
من الممكن اللجوء إلى المعالجة بالتعرض باعتبارها إحدى طرق المعالجة الممكنة من أجل تخفيف الأعراض. وتقوم هذه المعالجةُ على تعريض المرء لنوع الحركة الذي يجعله يُصاب بداء الحركة من أجل مساعدته على الاعتياد عليه. لكن، هناك أنواع أخرى من المعالجة لا تجعل المرء يصاب بالانزعاج. وتستخدم الأدوية في معالجة معظم حالات داء الحركة. هناك أشياء يستطيع المرءُ أن يقومَ بها لوقاية نفسه من أعراض داء الحركة. ومن المفيد أن ينتبه جيداً إلى الوضع أو إلى الحالة التي تسبب ظهور الأعراض. وهذا ما يشتمل على أشياء من قبيل المدخلات الحسية، كالأصوات والمشاهد والروائح. هناك بعضُ الأماكن التي يكون الإحساس بالحركة فيها أقل ما يمكن خلال السفر. يمكن أن يحاولَ المرءُ الجلوسَ في الأماكن التالية:
- مقعد قرب المقدمة في القطار، وإلى جوار النافذة. ويجب أن يكون وجه المرء إلى الأمام عند الجلوس.
- مقصورة في مقدمة السفينة أو في وسطها، وبالقرب من مستوى الماء.
- مقعد السائق أو المقعد الأمامي في السيارة.
- المقعد الذي يكون فوق مقدمة الجناح في الطائرة. وفي هذه الحالة يكون من المفيد أيضاً أن يقوم المسافر بتوجيه مروحة التهوية إلى وجهه.
من خلال التعاون مع الطبيب، يستطيع المرءُ تحديدَ الحالات التي تسبب إحساسه بداء الحركة. إن معرفة ما الذي يُطلِق أعراض داء الحركة يمكن أن تكون مفيدة من أجل التغلُّب على الأعراض أو الاستعداد لها بشكل أفضل. وهذا ما يجعل السفر أكثر راحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق