الجمعة، 3 يناير 2014

اضطراباتُ التَّعَلُّم من الامراض النفسية


اضطراباتُ التَّعَلُّم - كافةيُشير تعبيرُ "اضطراب التَّعَلُّم" إلى مُشكلةٍ خطيرة قد يعاني منها الطالبُ عندَ تَعَلُّمه القراءةَ أو الكتابة أو الرياضيَّات أو غير ذلك من أنشطة التَّعَلُّم. تؤدِّي اضطراباتُ التَّعَلُّم إلى الإضرار بقُدرَة الطفل على تَعَلُّم المعلومات ومُعالجتها؛ وهي تُدعى أحياناً "عَجز التَّعَلُّم" أو "صُعوبات التَّعَلُّم" أو "تأخُّر التَّعَلُّم". ومن الممكن أن يكونَ التأخُّرُ الشديد عن بلوغ بعض المَعالِم التطوُّرية في التَّعَلُّم، رغم التطوُّر الطبيعي للطفل من بقية الجوانب، علامةً على وجود اضطراب التَّعَلُّم. قد يشمل هذا التأخُّر مشكلاتٍ في اللغة والرياضيَّات والمَهارات الحَرَكيَّة، وغير ذلك من مجالات التَّعَلُّم. يجري تشخيصُ اضطراب التَّعَلُّم لدى الطفل في حال تحقُّق المعايير التالية كلِّها معاً: • أن تكونَ قُدرات الطفل في القراءة والكتابة والرياضيات أقلَّ بكثير من القُدرات المتوقَّعة لمن هو في سنِّه وذكائِه وصفِّه في المدرسة. • أن يتأكَّدَ وجودُ حالة اضطراب التَّعَلُّم من قبل شخص اختصاصي يستخدم منهجيةً محدَّدة للتقييم. وقد تختلف عمليةُ التقييم باختلاف المدرسة أو السياسات الحكومية. • أن يكونَ لمُشكلات التَّعَلُّم لدى الطفل أثرٌ بليغ على أدائِه المَدرسي. لا علاجَ لاضطراب التَّعَلُّم. لكن هناك وسائل تعليمية خاصَّة لمساعدة الطفل في التَّغَلُّب على اضطراب التَّعَلُّم وتطوير حَصيلته التعليميَّة.

مقدِّمة

يُشير تعبيرُ "اضطراب التَّعَلُّم" إلى مُشكلة خطيرة قد يعاني منها الطالبُ عند تَعَلُّمه القراءة أو الكتابة أو الرياضيّات أو غير ذلك من أنشطة التَّعَلُّم. وتؤدِّي اضطراباتُ التَّعَلُّم إلى الإضرار بقُدرَة الطفل على تَعَلُّم المعلومات ومُعالجتها. يُدعى اضطرابُ التَّعَلُّم أحياناً بأسماء أخرى من بينها "عَجز التَّعَلُّم" أو "صُعوبات التَّعَلُّم" أو "تأخُّر التَّعَلُّم". رغم إمكانية وجود اضطرابات التَّعَلُّم لدى الأطفال الصغار جداً، إلاَّ أنَّها لا تُلاحَظ عادةً حتَّى يدخلَ الطفلُ المدرسةَ الابتدائية. وعندَ بعض التلاميذ ممَّن يكون حاصِلُ ذكائهم شديدَ الارتفاع، يُمكن ألاَّ يظهرَ اضطرابُ التَّعَلُّم حتَّى مرحلة مدرسيَّة مُتَقَدِّمة. يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي اضطرابات التَّعَلُّم، ويميِّز بينها وبين الإعاقات العقليَّة والجسديَّة. كما يناقش أيضاً كيفيةَ التقَصِّي عن وجود اضطرابات التَّعَلُّم، وكيفيَّة التعامل معها.

اضطراباتُ التَّعَلُّم

يستطيع دِماغُ الإنسان أداءَ أعمال تتطلَّب مهاراتٍ متَقَدِّمةً، كالنطق والقراءة والكتابة والعمليات الرياضية. وهذه وظائفُ متقدِّمة للجسم، تتطلَّب بلايين التوصيلات بين الخلايا العَصبيَّة في الدِّماغ. في الدماغِ مناطقُ تختصُّ بالإبصار وبالسمع وغير ذلك من الحَواس. وعندما تعجز واحدةٌ من هذه المناطق عن العمل السليم، يُمكن أن ينجمَ عن ذلك اضطرابٌ في التَّعَلُّم. ويكون اضطرابُ التَّعَلُّم خاصاً بنشاط محدَّد من أنشطة التَّعَلُّم، كالقراءة أو الكتابة أو الرياضيَّات. لكنَّ اضطرابَ القراءة هو أكثر اضطرابات التَّعَلُّم شُيوعاً. يجب التَّمييزُ بين اضطرابات التَّعَلُّم وبين الفوارق الطبيعية بين التلاميذ. يتَعَلُّم التلاميذُ المهاراتِ المختلفةَ بمُعَدَّلاتٍ مختلفة. وقد يتفوَّق بعضُهم على الآخرين في هذا الجانِب أو ذاك. إنَّ التلاميذَ الذين يكون أداؤهم دون المُتوسِّط في مجالات معينة ليسوا ممَّن يُعانون من اضطرابات التَّعَلُّم بالضرورة. يكون اضطرابُ التَّعَلُّم موجوداً عندما يعاني الطفلُ من مُشكلات جديَّة في تَعَلُّم أحد المواضيع، ويكون أداؤه أقلَّ بكثير ممَّا هو مُتوقَّع من الأطفال الذين في سنِّه. هناك أنواع كثيرة من اضطرابات التَّعَلُّم. ويتعلَّق أكثر الأنواع التي يتَحرَّى عنها الاختصاصيون بمواضيع يجري تعليمُها في المدارس، كالقراءة والكتابة والرياضيَّات. لا يَجوز الخلطُ بين اضطرابات التَّعَلُّم واضطرابات الذَّكاء؛ فالذكاءُ مقياسٌ عامٌ عريض للقُدرات العقليَّة. في حين أنَّ اضطرابَ التَّعَلُّم حالةٌ تؤثِّر في واحِدة من هذه القُدرات فقط. على سبيل المثال، يُعرَف اضطرابُ التَّعَلُّم الذي يؤثِّر في القراءة باسم خلل القراءة. ومن الممكن أن يكونَ لدى الشخص المُصاب بخلل القراءة مستوى ذكاء مُتوسِّط أو فوق المتوسِّط، رغم أنَّه يعاني من مشكلة في القراءة. إنَّ اضطرابات التَّعَلُّم شيءٌ والإعاقات العقلية (تُعرَف باسم "التخَلُّف العَقلي") شيءٌ آخر تماماً. يكون للتخلُّف العقلي أثر على عدد من القُدرات العقليَّة، في حين لا يؤثِّر اضطرابُ التَّعَلُّم إلاَّ في جانب أو اثنين من جوانب عمليَّة التَّعَلُّم. كما يجب التفريقُ أيضاً بين اضطرابات التَّعَلُّم والإعاقات الجسديَّة التي يُمكن أن تؤثِّرَ في التَّعَلُّم، وذلك من قَبيل العمى أو الصَّمَم. إنَّ العمى والصمم يؤثِّران في التَّعَلُّم، ويتطلَّبان تعليماً خاصاً، لكنَّهما غيرُ مُصَنَّفين من جُملة اضطرابات التَّعَلُّم.

مقارنةٌ بين "اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط" و"اضطرابات التَّعَلُّم"

لا يجوز الخَلطُ بين اضطرابات التَّعَلُّم وحالة اضطراب نقص الانتباه مع فَرط النَّشاط؛ فالأخيرةُ حالةٌ طبيَّة لها أثرٌ سلبيٌّ على كثير من الجوانب المُتعلِّقة بالتَّعَلُّم. قد يكون الشخصُ أو الطفل قليلَ الانتباه كثيرَ النشاط والحركة، ويتصرَّف تصرُّفات مُندفعة. يٌؤثِّر اضطرابُ نقص الانتباه مع فَرط النَّشاط في كثير من الجوانب المُتعلِّقة بالتَّعَلُّم، في حين لا يكون لاضطراب التَّعَلُّم أثرٌ إلاَّ على جانب واحد أو اثنين فقط. لكنَّ الأطفالَ المصابين بحالة نقص الانتباه مع فَرط النَّشاط يُمكن أن يكونَ لديهم واحدٌ أو أكثر من اضطرابات التَّعَلُّم. لكن من الواجب على أيَّة حال إجراءُ تقييم لحالة الطفل من قِبَل شخص متخصِّص. ولا يجوز افتراضُ أنَّ الطفلَ المُصاب باضطرابات التَّعَلُّم مُصابٌ باضطراب نقص الانتباه مع فَرط النَّشاط من غير تشخيص يقوم به شخصٌ متخصِّص.

الاضطراباتُ اللغويَّة

يتضمَّن القسمُ التالي استِعراضاً وجيزاً للحالات الأكثر شيوعاً من اضطرابات التَّعَلُّم المتعلِّقة بالقراءة والكتابة. اضطراباتُ التَّعَلُّم ذات الصلة باللغة هي مشكلاتٌ في الكلام أو الإصغاء أو القراءة أو التهجِئة أو الكتابة. يُتَوقَّع أن يكتَسِبَ الطفلُ مهاراتٍ لغويةً معيَّنة في كلِّ مرحلة من مراحل تَطوُّرِه. وإذا لم يكتسِب بعضَ المهارات المتوافقة مع سنٍّ معيَّنة أو مع صفِّ دراسي معيَّن، فمن الممكن أن يكونَ لديه اضطرابُ تَعَلُّم ذي صلة باللغة يُسبِّب ذلك. يُشير تعبيرُ "اضطراب القراءة" إلى اضطراب تَعَلُّم له علاقة بتَعَلُّم اللغة. ويُعدُّ خَللُ القراءة أحدَ الأنواع الشائعة من اضطرابات القراءة. يُعاني الشخصُ المُصاب باضطراب القراءة من مشكلات في ما يلي عادة:
  • تَعَلُّم التعرُّف على الكلمات المكتوبة وحفظها.
  • التهجئة السليمة للكلمات.
  • الكتابة.
  • فَهم ما يقرأه الشخص.
  • الربط بين صورة الحَرف المَكتوبة وصوته.
أمَّا خللُ الكتابة فهو اضطرابُ تَعَلُّمٍ يتعلَّق بالكتابة اليدوية حَصراً. على خلاف إضطراب القراءة، لا يعاني المُصابُ بِخلل الكتابة أيَّةَ مشكلة في القراءة. لكنَّ هذا الخللَ يكون مرتبطاً على الأغلب بوجود خَلل في مهارات الحركات الدقيقة. ومن جُملة تلك الحركات القُدرَةُ على رسم الحُروف أو القُدرَة على المحافظة على استقامة السطر عندَ الكتابة. خَلَلُ الحساب اضطرابُ تَعَلُّم متعلِّق بالرياضيات. وقد يجد المُصابُ بهذا الخلل صعوبةً في استيعاب المفاهيم الرِّياضية. وقد يعجز حتَّى عن حلِّ مسائل الرياضيات البسيطة.

العلامات

تعتمد علاماتُ اضطراب التَّعَلُّم على نوع صعوبة التعلم التي يُعاني منها الطفلُ في التَّعَلُّم. إذا تأخَّرَ الطفلُ في بُلوغ بعض النُّقاط المَرجِعيَّة في تطوُّره، وكانت بقيةُ جوانب تطوُّره ونُموِّه طبيعيةً فقط، يكون هذا علامةً تدُلُّ على وجود اضطراب تَعَلُّم لديه. وقد يشمل هذا التَّأخُّرُ مُشكلاتٍ في اللغة أو الرياضيَّات أو المهارات الحَرَكيَّة أو غير ذلك من نواحي التَّعَلُّم. هناك دلائلُ معيَّنة يُمكِن الانتباه إليها لمعرفة ما إذا كان الطفلُ يعاني من اضطرابات التَّعَلُّم. ويكون ذلك في مرحلة الدراسة الابتدائية غالباً؛ ففي تلك المرحلة، يجري كشفُ مُعظَم حالات اضطرابات التَّعَلُّم. من العلامات التي يُمكن أن تجري ملاحظتُها قبلَ دخول الطفل المدرسة:
  • مشكلات في لَفظ الكلمات.
  • مشكلات في العُثور على الكلمة المناسبة.
  • صُعوبة في قول عِبارات تسير وِفق قافية موحَّدَة.
  • مشكلات في تَعَلُّم أحرف الأبجدية والأعداد والألوان والأشكال وأيَّام الأسبوع.
  • صعوبات في تنفيذ تعليمات معيَّنة، أو في اتِّباع الطُّرُق المألوفة للتَعَلُّم.
  • صعوبة التحَكُّم في أقلام التلوين والأقلام العاديَّة والمِقَصِّ، أو في التلوين دون الخُروج عن المساحات المُحَدَّدة.
قد يجِد المُصابُ بأحد اضطرابات التَّعَلُّم صعوبةً في المهارات التالية:
  • تَعَلُّم العلاقة بين الحَرف والصوت المُعَبِّر عنه.
  • جمع أصوات الأحرف لتكوين كلمات.
  • نُطق كلمات أساسيَّة عندَ القراءة.
  • التهجِئة الصحيحة للكلمات أو قراءة الكلمات على نحوٍ صحيح.
  • تَعَلُّم مفاهيم الرياضيات الأساسية.
  • قِراءة السَّاعة وتَذَكُّر التَّسَلسُلات الزمنية.

الأسباب

إنَّ تحديدَ سبب اضراب التَّعَلُّم أمرٌ بالغ الصُّعوبة، لأنَّ الدِّماغَ عُضوٌ مُعقَّد، ولأنَّ التَّعَلُّم عمليةٌ معقَّدة أيضاً. ويرى كثيرٌ من العُلماء أنَّ اضطرابات التَّعَلُّم تحدث بسبب تغيُّرات صغيرة في بِنية الدِّماغ ووظيفته. هناك ما يُشير إلى أنَّ لاضطرابات التَّعَلُّم صِلةً بالوِراثَة، لأنَّها تميل إلى الظهور المُتكرِّر في العائلة الواحِدة. ويُمكن أن يكونَ اضطرابُ التَّعَلُّم موروثاً عن أحد الأبوين. هناك أيضاً جانبٌ من أسباب اضطرابات التَّعَلُّم يعود إلى مرحلة التَّكَوُّن الجَّنيني. إنَّ التعَرُّضَ لدُخان السجائر، وتعاطي المُخدِّرات والكُحول في أثناء الحَمل، يُمكن أن يزيد من إمكانية ظهور اضطرابات التَّعَلُّم لدى الطفل فيما بَعد. وقد تظهر اضطراباتُ التَّعَلُّم أيضاً عندَ الأطفال الذين يتَعرَّضون لمادَّة الرصاص الموجودة في الطلاء بعدَ وِلادَتهم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق