جراحة الجيوب الأنفية أمراض الأنف والأذن والحنجرة
يمكن أن ينصح الطبيبُ المريضَ بإجراء عملية جراحية للجُيُوب الأنفيَّة لفتح الانسداد في منطقة الجيوب الأنفية. وهناك أربعةُ أزواج من الجيوب الأنفية في الجمجمة؛ وهي جيوبٌ فارغة مَملوءة بالهواء، وتتَّصل بتجويف الأنف عبر فتحات صغيرة تشبه الأنابيب. وقد يعود انسدادُ الجيوب الأنفية إلى: • تَورُّم أو تضخُّم بطانة (الغشاء المخاطي) الجيوب الأنفية، ويُسمَّى هذا التورُّم أو التضخُّم "بوليبات" أو سلائل. • انحراف الحاجِز الأنفي (عظم يفصل بين شطري الأنف أو المِنخرين). • تورُّم الغشاء المخاطي على العظام التي تتبارز من جدران الأنف. تُجرى العمليةُ الجراحية للجيوب الأنفية تحت التخدير العام عادةً، وباستخدام منظار طبِّي، وقد تشمل: • إزالة البوليبات. • توسيع الثقب الذي يصرِّف السوائل من الجيوب الأنفية. • إزالة الجدران بين الجيوب الأنفية. • إحداث فتحات تصريف جديدة في الجيوب الأنفية. • تقويم الحاجز الأنفي المنحرف. بعد الجراحة، يتلقَّى المريض تعليمات الخروج من المستشفى للتعافي جيِّداً في المنزل.
مقدِّمة
جراحةُ الجيوب الأنفية هي عملية شائعة جداً وآمنة للغاية. يمكن أن ينصح الطبيبُ بإجراء هذه العملية الجراحية للأشخاص الذين يعانون من انسداد في الجيوب الأنفية. إنَّ قرار إجراء أو عدم إجراء هذه العملية هو قرار يعود إلى المريض أيضاً. سوف يساعد هذا البرنامج التثقيفي على تكوين فهم أفضل لمنافع هذه العملية ومخاطرها.
تشريحُ الجيوب الأنفية
الجيوبُ الأنفية هي جيوب فارغة مملوءة بالهواء في الرأس. وهناك أربعةُ أزواج من الجيوب في الجمجمة. تدوِّر الجيوبُ الأنفية الهواءَ لتزليق الأنف، وتبقيه خالياً من الجراثيم والغُبار. الجيوبُ الأنفية مبطَّنة بخلايا خاصَّة تُسمَّى "الغشاء المخاطي" الذي يُفرز "المخاط" للمساعدة على التقاط الأوساخ من الهواء الذي نتنفَّسه؛ ثمَّ تُطرد الأوساخ إلى الخارج باستخدام مُرتَكزات صغيرة تشبه الشعر وتُعرَف باسم "الأهداب". توصل جميعُ الجيوب الأنفية بتجويف الأنف عبر فتحات صغيرة تشبه الأنابيب. وتُسمَّى الفتحة حيث تتَّصل الجيوب الأنفية معاً في تجويف الأنف "الصِّمَاخ المُتَوَسِّط". تكون الجيوبُ الأنفية السليمة غيرَ مسدودة، وغشاؤها المخاطي غير ملتهب. كما يكون المخاطُ الذي تفرزه هذه الجيوب مائياً وقادراً على اجتياز الصِّمَاخ المتوسِّط إلى الأنف من دون مشكلة. ومن ثمَّ يمرُّ المخاط من الأنف إلى الحلق حيث يجري ابتلاعُه.
أعراض التهاب الجيوب الأنفية وأسبابها
يمكن للعدوى أو الحساسية أو انسداد فتحات الجيوب الأنفية أن تسبِّب التهاب الغشاء المخاطي وانسداد جهاز تصريف تجاويف الجيوب الأنفية. والتهابُ الجيوب الأنفية هو التهابٌ في بِطانتها. عندما تلتهب الجيوبُ الأنفية، يصبح المخاط سميكاً أكثر وغيرَ قادر على المرور من خلال الفتحات، وبذلك يتراكم في الجيوب الأنفية. تتضمَّن أعراض التهاب الجيوب الأنفية:
- آلام في الوجه،
- الصُّداع،
- الحمَّى،
- تغيُّر الصَّوت،
- ألم الوجنتين عند جسِّهما.
قد ينجم انسدادُ الجيوب الأنفية أيضاً عن تورُّم الغشاء المخاطي أو تضخُّمه، ويُعرف هذا التورُّم أو التضخُّم باسم "البوليب". ويمكن أن تنجم البوليبات أو السَّلائل عن العدوى المتكرِّرة والتهاب الغشاء المخاطي. يُسمَّى العظمُ الفاصل بين شطري الأنف "الحاجز الأنفي"، وهذا الحاجزُ قد يصبح منحرفاً أو غير مستقيم. ويكون انحرافُ الحاجز الأنفي موجوداً منذ الولادة، أو حدث نتيجة التعرُّض لإصابة. ويؤدِّي انحراف الحاجز الأنفي إلى انسداد فتحة الجيوب الأنفية أحياناً. المَحاراتُ هي عظامٌ تتدلَّى أو تتبارز من جدران الأنف. وفي حالة تورُّم الغشاء المخاطي الذي يبطِّن المحارات، قد تصبح فتحات الجيوب الأنفية مسدودة.
تشخيص التهاب الجيوب الأنفية
يحدِّد الطبيب ما إذا كان المريض يعاني من التهاب الجيوب الأنفية بعد إجراء فحص دقيق للأذن والأنف والحلق. يحاول الطبيبُ تحديد سبب التهاب الجيوب الأنفية، وما إذا كان بسبب الحساسية أو العدوى أو الانسداد. يمكن أن ينصح الطبيبُ بأخذ صور بالأشعَّة السينية وصور طبقية محورية لرؤية الجيوب داخل الرأس. يمكن إجراء اختبارات دموية واختبارات حساسية لمحاولة تحديد سبب التهاب الجيوب الأنفية.
علاج التهاب الجيوب الأنفية
تنجح المعالجةُ الطبية في معظم حالات التهاب الجيوب الأنفية. ويمكن أن يؤدِّي استخدامُ أجهزة ترطيب أو وضع كمادات باردة أو دافئة على الجيوب الأنفية إلى تخفيف بعض الأعراض. كما يجعل شُرب الكثير من السوائل المخاط مائياً أكثر. وكلَّما كان المخاط مائياً أكثر، قلَّ احتمال احتجازه في الجيوب الأنفية. يمكن إعطاء أدوية، وذلك اعتماداً على سبب التهاب الجيوب الأنفية. قد يُطلب من المرضى، الذين يعانون من التهاب في الجيوب الأنفية بسبب الحساسية، الابتعادُ عن كلِّ ما يسبِّب الحساسية، وقد يُعطون أيضاً أدوية ضدَّ الحساسية. أمَّا بالنسبة لالتهاب الجيوب الأنفية الناجم عن عدوى أو جراثيم في الجيوب الأنفية، فتُعطى لهم المضادَّات الحيوية لقتل الجراثيم والسيطرة على العدوى. من المحتمل أن يكونَ التهابُ الجيوب الأنفية الذي سبَّبته العدوى ناجم أصلاً عن الحساسية. يؤدِّي التهابُ الجيوب الأنفية الأوَّلي إلى تَجمُّع المخاط في الجيوب الأنفية. وبذلك تنمو الجراثيم في هذا المخاط، فتؤدِّي إلى التهاب الجيوب الأنفية بسبب كلٍّ من العدوى والحساسية. في التهاب الجيوب الأنفية الناجم عن العدوى، يتحوَّل لونُ المخاط أحياناً إلى لون أصفر أو مائل إلى الأخضر، ويمكن أن تكون رائحته كريهة. يكون سببُ التهاب الجيوب الأنفية المتكرِّر هو الإعاقة في جريان المخاط. وهذا النوعُ من الالتهاب هو الأكثر استجابةً للعملية الجراحية.
جراحة الجيوب الأنفيَّة
هذه العملية الجراحية آمنة للغاية. والهدفُ من الجراحة هو إزالة أي انسداد في الجيوب الأنفية. وقد تستدعي هذه الجراحةُ إزالة البوليبات التي تسدُّ فتحات الجيوب الأنفية. كما قد تستدعي أيضاً توسيعَ ثقب تصريف المخاط من الجيوب الأنفية. تجري إزالةُ الجدران بين الجيوب الأنفية أحياناً لتوسيع الجيوب الأنفية ولتخفيف إمكانية الانسداد. تُحدَث فتحات جديدة في الجيوب الأنفية أحياناً لتسهيل تصريف المخاط منها. وتُصنَع هذه الفتحاتُ بين الجيوب الفكية وداخل الأنف. وهذه الفتحات لا تظهر من الخارج. إذا كان الحاجز الأنفي منحرفاً، ويُحدِث انسداداً في الجيوب الأنفية، فقد يستدعي ذلك إجراء عملية جراحية لتقويم هذا الانحراف. تجري معظمُ هذه العمليات الجراحية باستخدام منظار طبِّي. وهذا ما يُسمَّى "الجراحة التنظيرية للجيوب الأنفية". والمنظار هو أنبوب مجوَّف رفيع يسمح للطبيب برؤية ما في داخل الجيوب الأنفية. يقوم الجرَّاحُ بإدخال المنظار من خلال شقٍّ صغير. ويسمح المنظار للطبيب برؤية الجيوب على شاشة تلفزيونية. وبعد ذلك، يُدخل الجرَّاح أجهزة صغيرة أخرى من خلال شق أو شقوق صغيرة أخرى لإجراء العملية وهو ينظر إلى الشاشة التلفزيونية. قد يُقرِّر الجرَّاح أحياناً، خلال الجراحة التنظيرية، فتحَ شقوق جديدة للدخول إلى الجيوب الفكِّية. ويتم فتحُ هذه الشقوق إمَّا في الأنف أو الفم، خلف الشفة العلويَّة وفوق اللثة. تُجرى جراحةُ الجيوب الأنفية عادة تحت التَّخدير العام. ويعود المرضى إلى المنزل في اليوم نفسه الذي أجروا فيه الجراحة. سوف يشرح الطبيبُ للمريض الإجراءَ الموصى به، ونوع التخدير الذي سيتم استخدامه.
مخاطر جراحة الجيوب الأنفية ومضاعفاتها
هذه العمليةُ آمنةٌ للغاية. ومع ذلك، هناك العديد من المخاطر والمضاعفات المحتملة، والتي من غير المرجَّح أن تحدث، لكنَّها ممكنة. يجب أن يعرف المريضُ عن هذه المضاعفات تحسُّباً لحصولها، لأنَّ معرفتها قد تجعله قادراً على مساعدة الطبيب في الكشف عن المضاعفات في وقت مبكِّر. تشمل هذه المخاطرُ والمضاعفات المخاطرَ الناجمة عن التخدير، والمخاطرَ الناجمة عن أيِّ نوع من العمليات الجراحية. تشمل المخاطرُ النَّاجمة عن التخدير الغثيانَ والقيء واحتباس البول وجرح الشفتين وتكسُّر الأسنان واحتقان الحلق والصُّداع. أمَّا المخاطر الأشد الناجمة عن التخدير فتشمل النوبات القلبية والسكتات الدماغية والالتهاب الرئوي. وسوف يتحدَّث طبيب التخدير مع المريض عن هذه المخاطر بمزيد من التفصيل. وسوف يسأله عن وجود أيَّة حساسية تجاه بعض الأدوية. إنَّ مضاعفات التخدير هي أكثر احتمالاً في المرضى الذين يعانون من مشاكل صحِّية سابقة، مثل النوبات القلبية أو المشاكل الرئوية. وسوف يتحدَّث طبيب التخدير مع المريض عن هذه المخاطر بمزيد من التفصيل. هناك بعضُ المخاطر التي يمكن أن تنجم عن أيِّ نوع من العمليات الجراحية، وهي تشمل العدوى، والتي قد يكون لابدَّ من معالجتها بالمضادَّات الحيوية. النزف، وقد يستلزم نقل الدَّم للمريض، ولكنَّ هذه الحالة نادرة للغاية. هناك مخاطرُ ومضاعفاتٌ أخرى تتعلَّق بهذه العملية الجراحية تحديداً. وهي نادرة أيضاً. ومع ذلك، من المهم معرفتها. خلال جراحة الجيوب الأنفية، من المحتمل إجراء فتحة بين الجيوب الأنفية والدماغ. عندئذ يمكن للسائل حول الدماغ، أو السَّائل النُّخاعي، أن يتسرَّب من الأنف. وقد يسبِّب هذا السائلُ المتسرِّب عدوى حول الدماغ، تُعرف بالتهاب السحايا. ويتوقَّف التسرب تلقائياً عادةً بالراحة في الفراش. ولكن، إذا لم يتوقَّف، فقد يستلزم ذلك إجراء عملية جراحية في الدماغ من أجل سدِّ الثقب الذي يتسرَّب منه السائل. وهذه المضاعفات نادرة للغاية. وفي حالات نادرة جداً، يمكن أن يحدث نزفٌ في الدماغ، يؤدِّي إلى سكتة دماغية، وربما إلى الموت. كما يمكن أن تؤدِّي العملية أيضاً إلى خدر في الأسنان العلوية، لأنَّ الأعصاب المسؤولة عن الإحساس بالأسنان العلوية تسير في قاع الجيوب الفكِّية العلويَّة. ومن المحتمل أيضاً أن يحدث الانسداد مرَّة أخرى، ممَّا يستدعي إجراء عملية جراحية أخرى.
ما بعد الجراحة
بعد التَّعافي من التخدير في غرفة الإنعاش، يُسمح للمريض بالخروج من المستشفى بعد تزويده بتعليمات محدَّدة. ويجب أن يرافق المريض شخصٌ آخر لينقله إلى المنزل. وفي المنزل، يجب أن يرتاح المريض بعد الجراحة لتجنُّب حصول نزف. ويمكنه العودة إلى العمل بناء على تعليمات الطبيب. يضع الطبيبُ ضمادة تحت أنف المريض، لأنَّه من الطبيعي أن يحصل بعضُ النزف، وأن يسيل بعضُ السائل بعد الجراحة. ولكن، يجب إبلاغ الطبيب في حال أصبح النزف شديداً. كما يجب إبلاغُ الطبيب أيضاً إذا ما أصبح السائل النَّازح من الأنف شفَّافاً جداً مثل ماء الحنفية؛ فقد يكون ذلك أوَّل إشارة إلى تسرُّب سائل من حول الدماغ إلى الأنف. يجب إبلاغ الطبيب أيضاً إذا ما أصبح السائل النَّازح سميكاً، أو بلون مائل إلى الأخضر ورائحته كريهة؛ فقد يكون ذلك مؤشِّراً على وجود عدوى. قد يصف الطبيبُ غسل الأنف بالماء المالح للمحافظة على باطن الأنف والجيوب الأنفية رطبين. يشجَّع المريضُ على استخدام جهاز مرطِّب، لأنَّه يساعد على إبقاء الأنف رطباً والمخاط رقيقاً.
الخلاصة
تعدُّ جراحةُ الجيوب الأنفية آمنة للغاية وشائعة جداً. ويمكن أن يتحمَّلها المرضى بشكل جيِّد، وهي تساعد على علاج عدَّة أمراض للجيوب الأنفية بنجاح. لكن هناك بعض المخاطر والمضاعفات النادرة المحتمل حدوثها في أثناء أو بعد جراحة الجيوب الأنفية. ويجب أن يعرف المريض هذه المضاعفات تحسُّباً لحصولها، لأنَّ معرفتها تجعله قادراً على مساعدة الطبيب في الكشف عنها في وقت مبكِّر وعلاجها عند حدوثها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق