الأمعاءُ الدقيقة هي جزءٌ من الجهاز الهضمي. وهي أنبوب طويل يصل بين المَعِدة والأمعاء الغليظة. إنَّ سرطانَ الأمعاء الدقيقة حالة نادرة، لكن تناول أغذية غنية بالدهون، أو الإصابة بداء كرون أو بالداء البطني (الداء الزُّلاقي)، أو وجود تاريخ من البوليبات القولونية، يمكن أن يزيد خطر الإصابة بهذا السرطان. تشتمل العلاماتُ المحتملة لسرطان الأمعاء الدقيقة على ما يلي: • ألم بطني. • نقص الوزن من غير سبب ظاهر. • وجود دم في البِراز. • ظهور كتلة في البطن. تعدُّ اختباراتُ التحرِّي التي تعتمد على التقاط صور للأمعاء الدقيقة والمنطقة المحيطة بها قادرةً على المساعدة في تشخيص سرطان الأمعاء الدقيقة وبيان ما إذا كان قد انتشر. الجراحةُ هي الطريقة الأكثر شيوعاً لمعالجة سرطان الأمعاء الدقيقة. وتشتمل الخياراتُ الإضافية على المعالجة الكيميائية أو المعالجة الشعاعية، أو على مزيج منهما.
مقدمة
يناقش هذا البرنامجُ سرطانَ الأمعاء الدقيقة، وليس سرطان القولون. يبدأ سرطان الأمعاء الدقيقة في خلايا هذه الأمعاء. إن الأمعاء الدقيقة تصل بين المَعِدة والأمعاء الغليظة. سرطانُ الأمعاء الدقيقة حالةٌ نادرة. لكنَّ تناول أغذية غنية بالدهون أو الإصابة ببعض الأمراض الهضمية يمكن أن يزيدَ من خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان. يساعد هذا البرنامج التثقيفي على تكوين فهم أفضل لسرطان الأمعاء الدقيقة ولخيارات المعالجة المتوفِّرة.السبيل الهضمي
يتكوَّن السبيلُ الهضمي من الأعضاء التي يمر عبرها ما نتناوله من طعام وسوائل. والأمعاءُ الدقيقة جزء من هذا السبيل الهضمي. يستعرض هذا القسم تشريح السبيل الهضمي، وهو مهم من أجل فهم سرطان الأمعاء الدقيقة. يسير الطعامُ الذي نبتلعه عبر المَريء الذي يُعتبر "أنبوب الإطعام". وبعد ذلك يصل الطعام إلى المَعِدة حيث يجري هضمُه جزئياً. ينتقل الطعام المهضوم من المَعِدة إلى الأمعاء الدقيقة. والأمعاء الدقيقة هي الجزء الأكثر طولاً في الجهاز الهضمي. وفيها يجري مزيد من الهضم لمعظم المواد المغذِّية، ثم امتصاصها إلى الجسم. تتألف الأمعاء الدقيقة من ثلاث مناطق:- الاثناعشري.
- الصائم.
- اللفائفي.
سرطان الأمعاء
يتألَّف الجسم من خلايا صغيرة جداً. في الحالة الطبيعية، تنمو خلايا الجسم وتموت وفق نظام مضبوط. في بعض الأحيان، تواصل الخلايا انقسامَها ونموها على نحو غير مضبوط. وهذا ما يسبب نمواً شاذاً يدعى باسم "وَرَم". إذا كان الورمُ لا يغزو النسج وأجزاء الجسم المجاورة، فإنه يدعى "ورماً حميداً". والورم الحميد هو نمو غير سرطاني. وتكون الأورامُ الحميدة غيرَ خطيرة على حياة المريض عادة. إذا قام الورمُ بغزو النسج المجاورة وأجزاء الجسم المجاورة، فإنه يدعى باسم "ورم خبيث"، أو سرطان. تنتشر الخلايا السرطانية إلى أجزاء مختلفة من الجسم عن طريق الأوعية الدموية والقنوات اللمفية. اللمف هو سائل رائق ينتجه الجسم. وهو يقوم بإفراغ الخلايا من الفضلات. ينتقل هذا السائلُ عن طريق أوعية خاصة وبنى صغيرة على شكل حبات الفاصولياء تُدعى باسم "العقد اللمفية". يُعرف السرطانُ الذي ينتقل من النسيج المصاب إلى أجزاء أخرى من الجسم باسم "سرطان نقيلي". وعلى سبيل المثال، فإن ورم الأمعاء الدقيقة يمكن أن ينمو عبرَ الطبقة الخارجية لهذه الأمعاء فيصل إلى النسج القريبة مع مرور الزمن. تُعطى السرطاناتُ التي تصيب الجسم أسماء وذلك اعتماداً على المكان الذي بدأ منه السرطان. ويُدعى السرطان الذي يبدأ في الأمعاء الدقيقة باسم "سرطان الأمعاء الدقيقة" دائماً، حتى إذا انتشرَ إلى أنحاء أخرى من الجسم. هناك أنواع مختلفة كثيرة لسرطان الأمعاء الدقيقة. ويركِّز هذا البرنامج على النوعين الأكثر شيوعاً وهما: السرطانة الغُدية، والساركومة العضلية الملساء. تعدُّ السرطانة الغُدِّية هي النوع الأكثر شيوعاً من أنواع سرطان الأمعاء الدقيقة. يبدأ هذا النوع من السرطان في خلايا بِطانة الأمعاء الدقيقة. ويحدث القسمُ الأكبر من هذه الأورام في الجزء القريب من المَعِدة ضمن الأمعاء الدقيقة. وقد تنمو هذه الأورامُ فتؤدِّي إلى انسداد الأمعاء. تبدأ الساركومة العضلية الملساء في خلايا العضلة الملساء في الأمعاء الدقيقة. ويحدث القسم الأكبر من هذه الأورام في الجزء القريب من القولون ضمن الأمعاء الدقيقة.عوامل الخطورة
من المستحيل عادة تحديدُ السبب الدقيق لإصابة شخص بعينه بالسرطان. لكننا نعرف أسباب السرطان بشكل عام. ويعرف الأطباء العوامل التي يُمكن أن تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالسرطان. تُعرف هذه العوامل باسم "عوامل الخطورة". إن تناول طعام غني بالدهون يزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة. كما أنَّ تناولَ أطعمة غنية بالألياف يمكن أن يقلل هذا الخطر. تساعد الأليافُ على التخلُّص من الدهن الزائد الموجود في الأمعاء. يؤدي وجودُ داء كرون أيضاً إلى ازدياد خطر الإصابة بسرطان الأمعاء؛ فداءُ كرون يسبِّب التهاباً في جهاز الهضم. وهو يمكن أن يصيب أي منطقة ضمن هذا الجهاز، من الفم إلى الشرج. وغالباً ما يصيب داءُ كرون الجزءَ السفلي من الأمعاء الدقيقة. تعدُّ الإصابةُ بالداء البطني أو الزُّلاقي عاملاً آخر من عوامل الخطورة المتعلقة بسرطان الأمعاء الدقيقة. ولدى الأشخاص المصابين بهذا الداء، يسبِّب جهازُ المناعة ضرراً للأمعاء الدقيقة عندما يتناول المريض الغلوتين. والغلوتين هو بروتين موجود في القمح والشعير والشيلَم. إن وجود تاريخ من الإصابة بالبوليبات القولونية يزيد خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة. والبوليبُ هو قطعة زائدة من النسيج تنمو داخل الجسم. تنمو البوليبات القولونية في الأمعاء الغليظة، أي في القولون. ويكون معظم هذه البوليبات غير سرطاني، لكنها يمكن أن تتحوَّلَ إلى سرطان. كما يكون الشخصُ معرَّضاً أيضاً لخطر الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة إذا كان مصاباً بمرض اسمه "داء السلائل القولوني الوَرَمي الغُدي العائلي". وهو حالةٌ صحية وراثية. تؤدِّي هذه الحالةُ إلى نمو كثير من البوليبات داخل جدران القولون والمستقيم.الأعراض
من الممكن ألاَّ يسبِّب سرطانُ الأمعاء الدقيقة ظهور أي أعراض في البداية. وغالباً ما تبدأ الأعراض بعد نمو هذا السرطان. تشتمل الأعراضُ الشائعة لسرطان الأمعاء الدقيقة على ما يلي:- كتلة في البطن.
- ألم بطني.
- بِراز أسود شبيه بالزفت.
- وجود دم في البِراز.
- الضعف والتعب الشديد.
- نقص الوزن من غير سبب ظاهر.
التشخيص
يطرح الطبيبُ أسئلةً عن التاريخ الطبي الشخصي والعائلي للمريض. وبعد ذلك يجري الطبيب فحصاً جسدياً للمريض. كما يمكن أن يطلب إجراء فحوص للدم، وغير ذلك من الاختبارات، من أجل استبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للأعراض. من الممكن استخدام فحوص الدم من أجل قياس مدى سلامة عمل الكبد. وفي حال وجود ارتفاع زائد لإحدى المواد في الدم، فمن الممكن أن يكونَ ذلك علامة تشير إلى مرض كبدي. كما يمكن أن يكونَ المرض الكبدي ناتجاً عن سرطان الأمعاء الدقيقة. من الممكن أيضاً أن تؤخذَ عيِّنات من البِراز من أجل فحصها. إن اختبار "الدم الخَفي في البِراز" يتحرَّى عن وجود الدم في هذه العينات. وفي هذه الحالة فإن رؤية الدم لا تكون ممكنة إلاَّ عن طريق المجهر. يمكن استخدام اختبارات التحرِّي التصويرية لمنطقة البطن أيضاً من أجل العثور على الأورام. وقد تشتمل هذه الاختبارات على صور الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب، أو التصوير بالرنين المغناطيسي للبطن. يعتمد فحصُ "حقنة الباريوم" على سلسلة من صور الأشعة السينية للجزء السفلي من السبيل الهضمي. ومن أجل هذا الفحص، يوضع في المستقيم سائلٌ يحتوي على مادة الباريوم. ينتشر الباريوم ويغلف الجزء السفلي من السبيل الهضمي، ويجعله أكثر وضوحاً في صور الأشعة السينية. إنَّ "سلسلة صور السبيل الهضمي العُلوي" هي أيضاً سلسلة من صور الأشعة السينية، لكنَّها تهتم بالمريء والمَعِدة والأمعاء الدقيقة. ومن أجل هذا الفحص، يشرب المريضُ سائلاً يحتوي على الباريوم. يستطيع التنظيرُ الداخلي العُلوي النظر في داخل المريء والمَعِدة والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة. ويُستخدم في هذا الإجراء أنبوب دقيق مُضاء يدعى باسم "منظار داخلي". يتم إدخال هذا المنظار عن طريق الفم، ثم نزولاً عبر المريء، ثم إلى الأمعاء الدقيقة. خلال التنظير الداخلي، يمكن أن يأخذَ الطبيبُ عيِّنات من النسيج. تدعى العينة في هذه الحالة باسم "خَزعة". وبعد ذلك، يجري فحص الخزعات تحت المجهر بحثاً عن الخلايا السرطانية. من الممكن أيضاً أخذ خَزعة من إحدى العقد اللمفية. ولهذا الغرض، يجري استئصال جزء من إحدى العقد اللمفية، أو العقدة كلها. ثم يجري فحصها بحثاً عن الخلايا السرطانية. في بعض الأحيان، تكون هناك حاجة إلى إجراء جراحة تدعى باسم "فتح البطن" من أجل تشخيص سرطان الأمعاء الدقيقة. وتشتمل هذه الجراحة على إجراء شق في جدار البطن. ويمكن أن تؤخذ خَزعة خلال هذه الجراحة أيضاً. وبعد ذلك، يدرس طبيبُ التشريح المرضي الخَزعة المأخوذة تحت المجهر بحثاً عن الخلايا السرطانية. إن الخَزعة هي الطريقة الوحيدة الموثوقة للتأكُّد من وجود الخلايا السرطانية.تحديد مراحل السرطان
إذا كان المرءُ مصاباً بسرطان الأمعاء الدقيقة، فإن الطبيب يقوم بتحديد المرحلة التي بلغها هذا السرطان. وتحديد مراحل السرطان هي محاولة من أجل معرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر. وإذا كان قد انتشر، فإلى أي أجزاء من الجسم قد انتشر فعلاً. إنَّ تحديدَ المراحل مفيد من أجل تقرير الطريقة الأفضل للمعالجة. يتم تحديد المراحل عادة باستخدام الأرقام من واحد إلى أربعة، بحيث يشير الرقم الأدنى إلى مرحلة أبكر من السرطان. كما يتم تصنيفُ سرطان الأمعاء الدقيقة إلى مجموعات أيضاً. ويعتمد التصنيف إلى مجموعات على ما يلي:- عدد طبقات جدار الأمعاء الدقيقة التي غزاها الورم.
- انتشار السرطان أو عدم انتشاره إلى العقد اللمفية المجاورة.
- انتشار السرطان أو عدم انتشاره إلى أعضاء بعيدة في الجسم، كالكبد أو الرئتين مثلاً.
المعالجة والعناية الداعمة
يعتمد نوعُ المعالجة على حجم السرطان وموقعه، وكذلك على المرحلة التي وصل إليها، وعلى الحالة الصحية للمريض. من الممكن أن تشتملَ معالجة سرطان الأمعاء الدقيقة على الجراحة أو المعالجة الشعاعية أو المعالجة الكيميائية، أو على مزيج من هذه المعالجات. الجراحةُ هي المعالجة الأكثر شيوعاً لسرطان الأمعاء الدقيقة. وغالباً ما تشتمل هذه الجراحةُ على إزالة جزء من الأمعاء الدقيقة، أو على إزالتها كلها. كما يمكن أيضاً أن تتم إزالة بعض الأعضاء القريبة من الأمعاء إذا كان السرطان قد وصل إليها. تستخدم المعالجةُ الشعاعية أشعةً سينية ذات طاقة مرتفعة، أو غير ذلك من الأشعة، من أجل قتل الخلايا السرطانية أو منعها من النمو. لكن طريقة إعطاء جرعات المعالجة الشعاعية تعتمد على نوع السرطان والمرحلة التي وصل إليها. تستخدم المعالجةُ الكيميائية الأدويةَ من أجل قتل الخلايا السرطانية. وقد تُعطى المعالجة الكيميائية عن طريق الدم عبر قثطرة وريدية، أو عن طريق الفم. كما يمكن وضعُ الدواء ضمن مناطق محددة في الجسم. ويعتمد نوع الطريقة المستخدمة على نوع السرطان والمرحلة التي وصل إليها. من الممكن أحياناً استخدامُ المعالجة الكيميائية والمعالجة الشعاعية معاً. وقد تُستخدم هاتان الطريقتان وحدهما، كما يمكن أن تُستخدما قبل الجراحة أو بعدها أيضاً. من الممكن أن تتوفَّر تجارب سريرية من أجل الأشخاص المصابين بسرطان الأمعاء الدقيقة. والتجاربُ السريرية هي اختبار لطرق طبية ومعالجات طبية جديدة. يمكن أن يؤدِّي السرطانُ والطرق المستخدمة في معالجته إلى مشكلات صحية أخرى. ومن المهم أن يتلقى المريض العناية الداعمة قبل المعالجة من السرطان وخلال هذه المعالجة وبعدها. والعناية الداعمة هي المعالجة الهادفة إلى ضبط الأعراض. وهدفُ هذه المعالجة هو تخفيف الآثار الجانبية للمعالجة ومساعدة المريض في التلاؤم مع عواطفه ومشاعره. تتعامل العنايةُ الداعمة أيضاً مع الألم الذي يرافق السرطان ومعالجاته. ويستطيع الطبيب، أو الاخصائي في ضبط الألم، اقتراح طرق مفيدة من أجل إزالة الألم أو تخفيفه.الخلاصة
إنَّ سرطاناتِ الأمعاء حالات نادرة. تبدأ هذه السرطانات في الأمعاء الدقيقة التي تصل بين المَعِدة والأمعاء الغليظة. وهناك أنواع مختلفة من سرطانات الأمعاء الدقيقة. لكن النوع الأكثر شيوعاً هو السرطانة الغُدية. يبدأ هذا النوع من سرطان الأمعاء الدقيقة في خلايا بِطانة الأمعاء الدقيقة. على الرغم من ندرة سرطانات الأمعاء الدقيقة، إلا أن تناول طعام غني بالدهون، أو وجود بعض المشكلات الهضمية، يمكن أن يزيد من خطر إصابة المرء بها. ومن هذه المشكلات:- تاريخ من الإصابة بالبوليبات القولونية.
- الداء البطني.
- داء كرون.
- داء السلائل القولوني الورمي الغدي العائلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق