
وقد يسببُ تنفسُ الهواءِِ وشربُ الماء وتناولُ الأطعمة أو ابتلاعُ أو ملامسةُ الأوساخ الحاوية على الرصاص العديدَ من المشاكل الصحيّة، وعند البالغين يستطيعُ الرصاصُ أن يزيدَ من ارتفاعِ ضغط الدّم وأن يسببَ العقمَ واضطراباتٍ عصبيةً وآلاماً في العضلات والمفاصل، كما بإمكانه أن يجعلَ المرءَ مهتاجاً وأن يؤثّرَ في القدرة على التركيز والتذكر.
والرصاصُ خطيرٌ بشكلٍ خاص على الأطفال، فالطفلُ الذي يبتلعُ كميةً كبيرة من الرصاص قد يُصابُ بفقرِ الدّم وبألم البطن الحادّ وبضعفِ العضلات وبأذية في الدماغ، وحتى المستويات الدنيا من الرصاص لها علاقةٌ بتدني درجات حَاصِل الذَّكاء.
مقدمة
الرصاص معدن يمكن أن يسبب التسمم لدى الإنسان. وللتسمم بالرصاص خطورة خاصة لدى الأطفال. إذ يمكن أن يتراكم الرصاص في الجهاز العصبي للطفل في فترة نموه. وإذا تراكم الرصاص بمقادير كبيرة لدى الأطفال فهو يمكن أن يسبب انخفاضاً في مستوى الذكاء وتدنياً في الأداء المدرسي.هناك الملايين من المنازل القديمة في العالم مدهونة بدهان يحتوي على الرصاص. وهناك ملايين الأطفال في عمر خمس سنوات أو أقل لديهم مستويات من الرصاص في أجسامهم عالية إلى حد يثير القلق.
يتناول هذا البرنامج التعليمي الصحي مشكلة التسمم بالرصاص. ويشرح أسبابه وعلاماته ومعالجته. ويقدم نصائح للوقاية من التسمم بالرصاص مع التركيز على حماية الأطفال.
التسمم بالرصاص
الرصاص معدن متوافر يسهل على الإنسان صهره واستخدامه في الصناعة. ومنذ القديم استخدم الناس الرصاص في الكثير من المنتجات بما في ذلك مستحضرات التجميل والدهانات والسباكة وأدوات المائدة والمواد التي تضاف إلى الأشربة.وقد عرف القدماء أن التسمم بالرصاص يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. وحاولوا أن لا يعرضوا أنفسهم للرصاص. ولكنهم لم يعرفوا أن التعرض حتى لمقادير قليلة منه يمكن أن يسبب التسمم.
وخلال القرون الماضية استخدم الناس الرصاص كثيراً في صناعة الدهانات والبنزين. وفي العشرينات من القرن الماضي، كان العلماء يموتون من جراء العمل بالرصاص. مع ذلك لم تبدأ البلدان بوضع معايير للحد من كمية الرصاص المستخدمة في صناعة الدهان والبنزين وألعاب الأطفال وغيرها من المنتجات إلا في سبعينات القرن الماضي.
وبعد وضع هذه المعايير اصبحت المنازل أكثر أماناً. ولكن بعض المنازل القديمة لا تزال تحتوي على مقادير عالية من الرصاص وتشكل خطراً على صحة الناس، ولاسيما الأطفال منهم.
الرصاص هو جزيئة صغيرة توجد في التراب والهواء والماء. إذا تم أكل أو استنشاق الرصاص فإنه يحتل محل الكالسيوم. والكالسيوم معدن هام جداً من أجل العمل السليم للخلايا العصبية التي تسمى النورونات أو العصبونات.
ينمو الجزء الأكبر من الجهاز العصبي للطفل قبل أن يبلغ الطفل الخامسة من عمره. ويحدث أشد أثار التسمم بالرصاص عند الأطفال تحت سن الخامسة لأن الدماغ والجهاز العصبي في هذا العمر يكونان في مرحلة النمو. وهذا ما يفسر المشاكل التعليمية الشديدة الناجمة عن التسمم بالرصاص عند الأطفال.
في عام 1978 تم فرض الحظر على بيع الدهانات الحاوية على الرصاص المُعَدَّة للاستخدام في المنازل، كما تم فرض الحظر على بيع ألعاب الأطفال أو قطع الأثاث المنزلي الحاوية على الرصاص. ولكن الدهان الحاوي على الرصاص لا يزال موجوداً على الجدران والأعمال الخشبية في الكثير من المنازل والشقق القديمة. إن دهان المنازل المبنية قبل عام 1979 قد يحوي مادة الرصاص. وكلما كان المنزل أكثر قدماً زاد احتمال أن يكون تركيز الرصاص في دهانه أعلى.
في ثمانينات القرن الماضي، وضعت قوانين للحد من استخدام الرصاص في الأنابيب وسبائك اللحام وغيرها من مكونات شبكات المياه العامة. ولكن جزيئات الرصاص لا تزال تنبعث من أنابيب الرصاص القديمة ووصلات السباكة المصنوعة من النحاس الأصفر وأنابيب النحاس الملحومة بالرصاص فتلوث المياه التي نستخدمها.
يوجد الرصاص في التربة بشكل طبيعي، ولكن تركيز الرصاص قد يكون مرتفعاً في التربة بسب استخدام البنزين أو الدهان لسنوات طويلة. يمكن أن توجد التراكيز العالية من الرصاص في التربة المجاورة للطرق السريعة والمنازل القديمة وفي بعض الأحياء المدنية.
بعض المواد المستوردة من بلدان أخرى يمكن أن تحوي على مستويات عالية من الرصاص، مثل:
- المادة المصقولة اللماعة الموجودة على السيراميك أو البورسلان أو الخزف الصيني
- معلبات الأغذية
- الكحل، وهو مستحضر تجميلي يستخدم عادة لتزيين الأجفان
من هو المعرض لخطر التسمم بالرصاص؟
إن الأطفال والبالغين الذين يعيشون في منازل قديمة معرضون لخطر التعرض للرصاص. كما أن الناس الذين يعيشون في منطقة يوجد فيها الكثير من المنتجات الحاوية على الرصاص معرضون لهذا الخطر أيضاً.إن الرضع والأطفال الصغار معرضون بشكل خاص للتسمم بالرصاص لأنهم يضعون الأشياء في أفواههم. وقد يمضغون رقاقات الدهان والألعاب القديمة التي يمكن أن تحوي جزيئات الرصاص والغبار.
إن التسمم بالرصاص أكثر خطراً على الأجنة والرضع والأطفال من البالغين لأن الرصاص يمتص بسهولة أكبر إلى الأجسام التي تكون في مرحلة النمو. كما أن الجهاز العصبي للأطفال أكثر تضرراً من الآثار المؤذية للرصاص.
يمكن للبالغين أن يستنشقوا غبار الرصاص أثناء دهن المنازل أو أثناء العمل في وظائف معينة أو ممارسة هوايات مثل صناعة الزجاج الملون أو دهن الأثاث. على المرأة الحامل أن تتوخى المزيد من الحذر لأن التعرض للرصاص يمكن أن يؤذي الجنين.
يمكن للإنسان أن يتحرى عن الرصاص أو تقييم خطورة الرصاص لمعرفة مستواه في بيته. والتحري عن الرصاص في السطوح المدهونة يعطي الإنسان فكرة جيدة عن وجود أو عدم وجود الرصاص، لكنه لا يعطي فكرة عن ما إذا كانت مستوياته في الدهان خطيرة. أما تقييم الخطورة فهو يخبر الإنسان بأي نوع من مصادر الرصاص الخطيرة في بيته وعن كيفية الحد منها أو السيطرة عليها.
أعراض التسمم بالرصاص
في البداية قد لا يعطي التسمم بالرصاص أعراضاً واضحة. فالأطفال الذين يبدون أصحاء قد يكون لديهم مستويات عالية من الرصاص في أجسامهم. إن الرصاص يتراكم تدريجياً في الجسم. ولا تظهر الأعراض أو العلامات حتى يصبح مستوى الرصاص خطيراً.إن علامات وأعراض التسمم بالرصاص عند الأطفال هي:
- سرعة التهيج
- نقص الشهية
- فقدان الوزن
- الخمول
- الألم البطني
- القيء
- الإمساك
- الشحوب
إن التعرض للرصاص، حتى بمقادير طفيفة، يمكن أن يسبب تلفاً دائماً عند الأطفال. والتلف الأكبر هو الأذى الدماغي غير القابل للإصلاح. إن المستويات العالية من الرصاص عند الأطفال يمكن أن تسبب الاختلاجات أو التشنجات العصبية وفقدان الوعي و في حالات نادرة قد يسبب الموت.
إن علامات وأعراض التسمم بالرصاص عند البالغين هي:
- ألم أو خدر أو تنميل في الذراعين والساقين
- ضعف عضلي
- صداع
- ألم بطني
- فقدان الذاكرة
يمكن أن يؤدي التسمم بالرصاص عند البالغين إلى مضاعفات مثل:
- ارتفاع ضغط الدم
- مشاكل هضمية
- اضطرابات عصبية
- مشاكل في الذاكرة والتركيز
- آلام عضلية ومفصلية
- تلف في الأعضاء المنتجة للنطاف عند الذكور
- مرض الساد (تغيّم عدسة العين)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق