الجمعة، 3 يناير 2014

داء تَرَسُّب الأصبِغة الدّمَويّة من أمراض الدم

داء تَرَسُّب الأصبِغة الدّمَويّة - كافةداء تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة، أو داء زيادة الحديد، هو مرضٌ يؤدِّي إلى تجمُّع كمية زائدة جداً من الحديد في الجسم. إن الحديد معدن موجود في كثير من الأطعمة. ويقوم الجسمُ عادةً بامتصاص عشرة بالمائة فقط من الحديد الذي في طعامنا. أمَّا إذا كان الشخصُ مُصاباً بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدّمَويَّة، فإنَّ جسمه يمتَصُّ كمِّية من الحديد زيادة عما يلزمه. ليس لدى الجسم وسيلةٌ طبيعية للتخلُّص من الحديد الزائد، ممَّا يجعله يخزنه في بعض الأنسجة، كالكَبد والقلب والبنكرياس. وهذا الحديدُ الزائد يؤذي أعضاء الجسم. وإذا لم يُعالَج المرضُ، فمن الممكن أن تُصابَ هذه الأعضاء بالفشل أو القصور. إن أسلوب المعالجة الأكثر شُيوعاً هو التخلُّص من قسم من الدم، تماماً مثلما يحدث في حالة التبرُّع بالدم. ويُدعى ذلك باسم "الفَصد العِلاجي". ويمكن أيضاً استخدام أدوية للتخلُّص من الحديد الزائد, كما يمكن أن يقترح الطبيب إدخال تعديلات على النظام الغذائي حتَّى يتجنَّبَ المريضُ الأطعمةَ الغنية بالحديد.

مقدِّمة

داء تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة، أو داء زيادة الحديد، هو مرضٌ يؤدِّي إلى تجمُّع كمِّية زائدة جداً من الحديد في الجسم. والحديدُ معدنٌ موجود في كثير من الأطعمة. إنَّ زيادةَ الحديد إلى حدٍّ كبير أمرٌ سام للجسم. ولابدَّ من المعالجة لمنع الحديد الزائد من الإضرار بأعضاء الجسم. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم داء تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة، ويتناول أسبابَه وأعراضه وسُبُل معالجته.

داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة

الحديدُ مادَّةٌ مُغَذِّية موجودة في كثير من الأطعمة التي نتناولها. ونجد أكبر كمِّية من الحديد في اللحوم الحمراء. وهو موجود أيضاً في الخُبز ومنتجات الحبوب التي أُضيف إليها عنصر الحديد. وفي الجسم، يصبح الحديدُ جزءاً من خُضاب الدم، الهيموغلوبين، وهو جُزيئات في الدم تقوم بنقل الأكسجين من الرئتين إلى بقية أنسجة الجسم. يؤدِّي داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة إلى جعل الجسم يمتَصُّ كمِّيات زائدة من الحديد. لا يملك الجسم وسيلةً طبيعية للتخلُّص من الحديد الفائِض. وهذا الحديد يتراكم في عدد من الأعضاء، ممَّا يؤدِّي إلى الإضرار بها. في حال عدم المعالجة، يمكن للحديد الفائض أن يؤدِّي إلى توقُّف عمل الكبد والقلب والبنكرياس، لأنَّها هي الأماكن التي يجري تخزينُ الحديد فيها عادةً. يقوم الجسمُ السليم عادةً بامتصاص نحو عشرة بالمائة من الحديد الموجود في الطعام. لكنَّ أجسامَ الأشخاص المصابين بداء ترسُّب أصبغة الحديد تمتصُّ نحو ثلاثين بالمائة. إنَّها تمتصُّ وتخزن من خمسة إلى عشرين ضعفاً من حاجة الجسم الطبيعية.

الأعراض

يمكن أن تكونَ أعراضُ داء تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة خفيفةً أو شديدة. لكن أعراضَ هذا الداء لا تظهر على المرضى جميعاً. قد تظهر أعراضُ داء تَرَسُّب الأصبِغة الدّمَويّة عند النساء على نحو مختلف عن ظهورها عند الرجال. ومن المرجَّح أن تظهر عند المرأة الأعراض العامة في البداية، ومنها الشعور بالإعياء مثلاً. أمَّا عند الرجال، فإنَّ مرضي السُّكَّري وتَّشَمُّع الكبد هما أوَّل علامتين على وجود هذا المرض. إنَّ آلامَ المفاصل من الأعراض الشائعة لداء تَرَسُّب الأصبِغة الدَّمَويَّة. ومن الأعراض الأخرى:
  • الإعياء.
  • نقص الوزن.
  • قلَّة الطاقة.
  • الألم البطني.
  • ضعف الدافع الجنسي.
  • مشكلات قلبية.
إذا لم يُكتَشف داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية ويُعالج في وقت مبكِّر، فإنَّ الحديد يتراكم في الجسم، ممَّا قد يُسبِّب:
  • التهاب المفاصِل.
  • ضعف جنسي عند الرجال.
  • بلوغ سن اليأس في وقت مبكِّر عند النساء.
  • جلد رمادي أو برونزي اللون.
  • تراجع عمل الغُدَّتين النُّخامية والدرقية.
  • إصابة الغُدد الكظريَّة.
يؤدِّي داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية أيضاً إلى الإضرار بالكبد والقلب والبنكرياس. وتلقي الأقسامُ التالية نظرةً أكثر تفصيلاً على الضرر الذي يمكن لزيادة الحديد أن تسبِّبَه في هذه الأعضاء. من الممكن أن تسبِّبَ زيادةُ الحديد في الكبد حدوثَ أمراض كبِديَّة، من بينها تَضَخُّمُ الكَبِد والفشل الكبدي وسرطان الكبد وتَشَمُّع الكَبد (أو تَلَيُّف الكبد). والمقصودُ بتشمُّع الكبد هو تشكُّل ندبات فيه تمنعه من العمل. يمكن لزيادة الحديد في القلب أن تسبِّبَ اضطرابات قلبيَّة. وقد يكون من بينها عدمُ انتظام ضربات القلب وفشل القلب. يمكن لزيادة الحديد في البنكرياس أن تُؤذي هذا العُضوَ، ممَّا قد يسبِّب الإصابةَ بالداء السُّكَّري.

الأسباب

هناك نوعان من داء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية: أولي وثانوي. ولكل نوعٍ أسابٌ مختلفة عن أسباب الآخر. إنَّ داءَ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأولي مرضٌ وراثي ناتج عن عَيب في الموَرِّثَة التي تتحكَّم في كمِّية الحديد التي يمتَصُّها الجسم. وهو النوعُ الأكثر شُيوعاً. تُدعى الجيناتُ التي تُسبِّب داء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأوَّلي باسم (HFE) عادةً. إنَّ جينات (HFE) المَعيبة تجعل الجسم يمتصُّ كمِّية زائدة من الحديد. يكون الإنسانُ معرَّضاً لخطر الإصابة بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأوَّلي إذا ورِث جينين مَعيبين من والديه الاثنين معاً. أمَّا إذا ورِث جيناً معيباً واحداً، فإنَّه يعدُّ "حاملاً" للمرض. لا تظهر أعراضُ داء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأوَّلي على "الحاملين" عادةً. لكنَّهم يمكن أن ينقلوا المرضَ إلى أطفالهم. يحدث داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الثانوي عادةً نتيجة مرض آخر يسبِّب زيادة في الحديد. ومن هذه الأمراض:
  • بعض أنواع فَقر الدم.
  • بعض الأمراض الوراثية النادرة.
  • أمراض الكبد المُزمِنة.
من العوامل الأخرى التي يُمكن أن تُسبِّبَ داء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الثانوي:
  • نقل الدم.
  • أقراص الحديد الفَمَوية أو حُقن الحديد.
  • غسيل الكِلى لفترة طويلة.


عواملُ الخطورة

هناك عوامل معروفة يمكن أن تزيدَ من احتمال الإصابة بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية. وتُعرَف هذه العوامل باسم "عوامل الخُطورة". نناقش في الأقسام التالية عدداً من عوامل الخطورة فيما يخص داءَ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية. يُعدُّ داءُ تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية من الأمراض الوراثية الشائعة. خاصة لدى أبناء العرق القوقازي المنحدرين من شمالي أوروبا. يُصاب الرجال أكثر ممَّا تُصاب النساءُ بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأولي. كما أنَّ احتمالَ ظهوره عند كبار السن أكبر منه عند الشباب. تظهر أعراضُ المرض عادةً عند الرجال بعمر بين الثلاثين والخمسين عاماً. أمَّا عند النساء، فيجري تشخيص المرض في سنِّ الخمسين عادةً. تعدُّ وراثةُ مورِّثتي (HFE) مَعيبَتين عاملَ خطورة رئيسي للإصابة بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأوَّلي. لكن هناك كثير من الأشخاص الذين يحملون مورِّثتين مَعيبتين (h) من غير أن تظهرَ عليهم أعراضُ المرض. إنَّ الكُحوليَّة، أي إدمان الكُحول، عاملٌ من عوامل الخطورة أيضاً. وقد يتفاقم المرضُ إذا كان المريض ممَّن يشرب الكحول. في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة ببعض الأمراض، فإنَّ مخاطر الإصابة بداء تَرَسُّب الأصبِغة الدمَوية الأوَّلي تزداد. ومن تلك الأمراض النوباتُ القلبية وأمراض الكَبِد والداء السُّكَّري والتهاب المفاصِل. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق